الأردن وإسرائيل وما بينهما!
ماهر ابو طير
16-08-2015 03:26 AM
منذ شهور وعمان الرسمية تتحدث عن مخاوفها من المطار الاسرائيلي الجديد الذي سوف يبنى قرب العقبة، وعمان تتأوه وتشكو، تارة للاعلام، وتارة لمنظمات دولية، وتارة تجري مباحثات سرية او علنية، من اجل اقناع اسرائيل بألاّ تبني المطار.
هذا المشهد انموذج صغير وسط مئات النماذج الاخرى، فالاردن يتكامل مع اسرائيل اقتصاديا وسياسيا في كثير من القضايا، لاعتبارات يراها منطقية، لكن اسرائيل بالمقابل، تتجاوز الاردن وقتما تريد، وفي اللحظة التي تريد، فيصير التكامل والتنسيق السري والعلني هنا، مجرد تلبية لمصالح اسرائيل وليس لمصالح الاردن بالدرجة الاولى.
العلاقات بين الاردن واسرائيل علاقات واضحة، تطبيع اقتصادي، علاقات سياسية، تنسيق على مستويات مختلفة، ومشاريع حالية ومقبلة على الطريق، قائمة على فكرة الشراكة مع اسرائيل، ولم يعد الامر سرا مخفيا، وكأننا هنا، بتنا نرى في اسرائيل الحليف الاكثر قوة، والاكثر ديمومة، وسط هذا العالم، وتقلباته في المشرق العربي.
من ناحية سياسية مجردة، نسأل عن الحديقة الخلفية لهذا التحالف، وهذه العلاقة، ولماذا عندما يأتينا ملف حساس، تتصادم فيه المصلحة الاردنية والاسرائيلية، تكون فيها الغلبة لاسرائيل فقط، فهذا تحالف مهزوز في اركانه، ويؤدي غرضا واحدا، اي مصالح اسرائيل، وليس ادل على ذلك من ان تل ابيب، عندما تضطر، تشيح بوجهها عن علاقاتها مع عمان الرسمية، فتمضي بعيدا في قصة المطار او في قصص أخرى.
هذا يقول من جهة اخرى، ان التحالف في عمقه، ليس تحالفا حقيقيا، عمان من جهتها تداري النيران، وتريد ابعاد شر اسرائيل استراتيجيا عن الاردن، بضمانه العالم، الذي سيعطينا مؤشرات ايجابية وعلامات عالية على التنسيق والتكامل، واسرائيل من جهتها تعرف هذه الحقيقة، فتواصل العلاقة على ذات المسرب مع الاردن، لكنها تنعطف يمينا ويسارا اذا استدعت الحاجة وفقا لمصالحها، كما في قصة مطار تمناع الكفيل بتدمير مطار العقبة كليا، وتهديد السلامة الجوية، والسياحة والاقتصاد في هذه المنطقة الخاصة.
في سياقات تجاوبات اسرائيل مع متطلبات العلاقة القائمة مع الاردن، نسمع فقط، عن تراجعات اسرائيلية في مرات عن تصرفاتها في ملفات مثل الاقصى، لكنها تراجعات تكتيكية، وهي ايضا في المحصلة مهددة بالنسف والتراجع الكلي.
ما يراد قوله اليوم، ليس شرعنة العلاقة مع اسرائيل ابدا، لكننا نقول بكل اسف انها علاقة على حساب الاردن كليا، على حساب استقراره وشعبه، وهذا عنوان عام معروف للجميع، لكنه بلغة العالم وليس بلغتنا نلمس ايضا اختلالا واضحا وجليا في ميزان العلاقة ، كما في قصة مطار تمناع، وهذا يعني ان على عمان الرسمية اعادة مراجعة علاقاتها مع اسرائيل، فلماذا يتكاملون معها سياسيا في بعض المواقف، واقتصاديا، ولماذا يتواصل التنسيق، اذا كانت اسرائيل في نهاية المطاف، تضرب عرض الحائط بكل رسائل استغاثة الاردن بشأن المطار الجديد.
قصة المطار انموذج مبسط، لما يمكن ان تفعله اسرائيل لاحقا، عندما تتطلب مصلحتها، الانقلاب على الاردن، ولحظتها سيندم كثيرون من اولئك الذين يظنون ان التطبيع والتنسيق حبل نجاة سياسية لنا في هذا الاقليم، خصوصا، بعد ان تبددت اللغة التي تعتبر اسرائيل عدوا، على الاقل في الادبيات الرسمية، وليس في ادبياتنا نحن شعبا، واعلاما ومراقبين لهذا المشهد المؤسف على كافة الاصعدة.
من قصة القاضي الذي قتلوه بدم بارد، وصولا الى مطار تمناع، تقول الخلاصة ان اسرائيل تريد التنسيق اذا لتلبي مصالحها، وتنقلب على الاردن لحظة تتطلب مصالحها ذلك، وهذا يعني ببساطة اننا كمن يضع الافعى في حضنه، ويشيد بنعومة ملمسها متناسيا انيابها، وعضاتها المفاجئة!.
الدستور