الهزائم التي توصف بالإنتصارات و الإنتصارات التي توصف بالهزائم
16-05-2008 03:00 AM
كان من المفترض ان يكون الرئيس جورج بوش ضيف شرف – و أعتذر عن إستخدام كلمة شرف هنا- على حفل عشاء يقام له و الوفد المرافق و بقية المهنئين الذين جاءوا للإحتفال بالعام الستين لولادة الكيان الصهيوني !
جلس الرئيس بوش و المدعوون على طاولة مستديرة يتوسطها جبل من الأرز و تعلو فوقه كمية من اللحم الفلسطيني و بدأ امراء الإقطاع و امراء السلب و النهب و أمراء العمالة من الزعامات اللبنانية بتشريب المنسف بينما الرئيس الضيف في إنتظار أن يدخل القاعة بعض هؤلاء الامراء ليضعوا رأس السيد حسن نصرالله الذي جاءوا به من غرفة مجاورة، برد اللحم و برد الأرز. و لكن أحدا لم يدخل حاملا رأس السيد، نظر السيد الرئيس الى من حوله فأخذوا يعتذرون له أنهم هذه المرة لم يتمكنوا من الوصول الى الرأس و قطعه و طهوه ثم وضعه فوق أرز المنسف و لحمه و أنهم هذه المرة أيضا تلقوا هزيمة مخجلة كما في المرات السابقة، و أن كل ما أعدوا له و إندفعوا الى تحقيقه في بيروت و بقية لبنان إرتد عليهم عندما لم يستطيعوا مواجهة شباب المقاومة اللبنانيين أو الصمود أمامهم نصف نهار أو نصف ليل.
غطى الحزن وجه الرئيس بوش و مرافقيه فالأمنية التي تمنى أن يحققها مباشرة أو عن طريق العدو الصهيوني أضافت الى هزائمه هزيمة أخرى تتكرر كل يوم في العراق و في لبنان و في غزة و في الصومال و في السودان و في أفغانستان.
كانت الأوامر الصادرة الى الأمريكيين و الصهاينة المحيطين بالمنسف الا يقترب أحد من دماغ السيد حسن نصر الله وأن يتم إفراغه من جمجمة السيد و إرساله الى واشنطن و لندن و باريس و عواصم عربية كثيرة لإجراء الدراسات التفصيلية عليه، لعلها تكشف كيف إستطاع هذا الرأس و هذه المقاومة التي أعدها أن تجعل من الكيان الصهيوني موضع سخرية العالم و أن تجعل من أعدائها من اللبنانيين و من أعداء العرب و الأسلام و من حلفاء الحكومة المختبئة داخل السرايا الحكومي موضع إزدراء، تأكل خوفا و تشرب خوفا و لا يجد النوم طريقا الى وزرائها.
كان هذا الفصل الجديد من التآمر على حزب الله و بقية القوى المسلمة و المسيحية التي تقف و إياه في خندق واحد، هوخندق الدفاع عن عروبة لبنان و حرية لبنان و ممانعة لبنان و كبرياء لبنان، قد بدأ الإعداد له لحظة الإعلان عن موعد وصول الرئيس بوش الى فلسطين ليكون هدية له بعد أن تكسرت الهزائم على الهزائم عليه، لكن خيبة الأمل كانت الهدية التي تلقاها و ملأت جيوبه و حقائبه و طائرته الرئاسية و صفحة جديدة من ثمانية أعوام من الهزائم المتلاحقة ولهذا لم يجد الرئيس الضيف كلمة مديح للكيان الصهيوني إلا و ضمنها خطابه أمام الكنيست و لم يجد شتيمة إلا ووجهها نحو إيران و سوريا و حزب الله و حماس و المقاومة العراقية لكن هذا كله لم يعوضه و لن يعوضه عن الهزيمة الي أصابت الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني و بقية الحلفاء الذين لم يتركوا جهدا و لم يبخلوا بدعم لعل أعداء هذه المقاومة على الساحة اللبنانية يستطيعون الوقوف على أرجلهم أو النوم في بيوتهم أو يغادرون المنطقة الخضراء في بيروت المسماة بالسراي الحكومي.
هنا يجب أن أتوقف قليلا حتى أقول كلماتي حتى لا يذهب الذين لا تعجبهم هذه المقالة الى إتهامي بالعمالة لإيران، إذ أن كل من تابع و يتابع مقالاتي يعرف جيدا موقفي القومي الثابت من النظام الإيراني و قد تحدثت كثيرا و دائما عن الدور المشين الذي لعبه هذا النظام في تقديم كل عون و مساعدة للغزو الأمريكي – البريطاني الذي إستهدف العراق لإحتلاله و تدميره و قتل أكثر من مليون من أبنائه لأسباب تقف وراءها أحقاد تاريخية بدأت منذ أن هزمت الدولة العربية الإسلامية الإمبراطورية الفارسية و كانت أبشع صور ممارستها العدوان الأيراني على العراق الذي إستمر ثمانية أعوام و لم يتوقف حتى إعترف الإمام الخميني بالهزيمة ووصفها بأنها تجرع للسم و مع هذا كله فإنني لا أتردد عن إعلان أنه إذا كان علي أن أقف مع إيران أو مع الولايات المتحدة فإنني أقف مع إيران لأن نظامها لا يعني بالنسبة لي أنه يمثل الشعب الإيراني المسلم و إذا مأ إمتلكت إيران سلاحا نوويا فإن يوم الإعلان عنه سيكون واحدا من أكبر أفراحي تماما كما فرحت عندما إمتلكت باكستان مثل هذا السلاح و إذا كانت إيران تدعم حزب الله أو حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي فإن مثل هذا الدعم يعني بالنسبة لي عونا لهؤلاء المقاومين الذين تخلوا عنهم العرب بل و ذهبوا بعيدا في التأمر عليهم لمجرد أنهم يحملون بنادق يقاتلون بها العدو بينما المتأمرون عليهم نسوا تماما ماذا تعني الحرب و ماذا تعني المقاومة و ماذا يعني الجهاد لهذا فإن إتهام أي حاقد على المقاومة لي بأنني عميل للنظام الإيراني يجعلني لا أتردد في غرس أصابعي العشرة في عينيه لعله يري أو يدرك الحقيقة أو يفكر طويلا قبل أن يوجه لي مثل هذا الإتهام المضحك.
إن أي إتهام لي في إنتمائي الوطني و في إنتمائي القومي لا يعبر إلا عن جهل و سذاجة و حقد و أعرف أن كتبة الإستدعاءات الجالسين بإذلال أمام مأموري صناديق شراء الذمم لن يترددوا عن توجيه مثل هذا الإتهام لي و على هؤلاء أن يفكروا ألف مرة في ما يجب أن يقولوه أو يكتبوه و قبل أن يعيروني بما ليس من خلقي و إنتمائي أن يبحثوا كيف يسترون عوراتهم المكشوفة أمام أطفالهم و زوجاتهم و جيرانهم و قرائهم و لا أعتقد أن كل مصانع النسيج في العالم كافية لمنحهم ورقة توت واحدة.
إن الفرق بين الكتاب و الكتبة أن أولئك يؤدوون واجبهم نحو وطنهم العربي و أمتهم العربية بكل صدق و جرأة و شجاعة و تحمل لمسؤولية ما يكتبون و هؤلاء الكتبة فهم الجالسون على أرصفة الدوائر المعادية ينتظرون منهم تعليمات حول ما يجب ان يكتبوا و من الطريف انهم لا يساومون هذه الدوائر على ثمن مقالاتهم التي يكتبونها بماء الوجه حتى لا يبقى نقطة واحدة فيه و يتلقون من نافذة بضعة أوراق نقد.
عندما كان مواطن عربي يتحدث عن تحرير فلسطين من البحر الى النهر كانت حكومته لا تتردد عن إلقاء القبض عليه ووضعه في الحجر الصحي و بعد إتهامه بالجهل و اللاواقعية يحال الى أطباء ليحاولوا علاجه و يمنع الإختلاط به حتى لا ينقل العدوى الى الأخرين أما حزب الله فإنه يتحدث كل يوم عن تحرير فلسطين من البحر الى النهر و أن الكيان الصهيوني يحمل في داخله أسباب هزائمه حتى يزول عن الخارطة السياسية للمنطقة لهذا تجمع ضده الأشقاء قبل الأعداء و رغم كل الدروس التي حاول تعليمها لهم إلا أنهم يرفضون أن يتعلموا، حدث هذا عام 2000 عندما هزمت المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله الإحتلال الصهيوني و حدث هذا عام 2006 عندما إنتصرت هذه المقاومة على هذا العدو دون أن يعترف المختبؤن في المنطقة الخضراء في بيروت و في عواصم عربية كثيرة أن إنتصارا تحقق لها و أن هزيمة لحقت بالعدو و يبدو أن هذا جزء من تقاليد رسمية عربية تسمي الإنتصارات هزائم و تسمي الهزائم إنتصارات.
أن نقف مع المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله و السيد حسن نصرالله ينظر إليه الحاقدون و الجهلة و المهزومون أنه وقوف مع الشيعة رغم أن ألف دليل ينهض على الساحة اللبنانية يؤكد أن المسألة ليست سنة و شيعة. إنهم وفق منطقهم المدان يقفون ضد المقاومة الشيعية في لبنان و يقفون أيضا ضد المقاومة السنية في قطاع غزة أو في العراق أو في السودان أو في الصومال أو في أفغانستان، بل أن مثل هذا المنطق يدفعنا الى التساؤل عما إذا كان بوش و بلير و ساركوزي و أولمرت من أبناء طائفتنا السنية بإعتبار تحالف بعضنا معهم ضد المقاومة التي ليست شيعية في لبنان فالجنرال عون ليس شيعيا و الشرفاء أمثال سليمان فرنجية و وئام وهاب و طلال أرسلان ليسوا شيعة ايضا لكن المسألة هي من يحمل بندقيته ليدافع عن حرية و كرامة وطنه و شعبه و من يحمل بندقيته و يتصدى لكل من يقاوم عبودية و تبعية و إستسلام الوطن و الشعب.
ثم نسأل هل طالبان شيعة و هل بوتين و كاسترو و شافيز أبناء طائفة شيعية، أما السنة فهم ساسة واشنطن و لندن و باريس و بقية المعسكر المعادي لهذه الأمة العظيمة.
فرحت عندما تحرك حزب الله و حلفاؤه لحماية أنفسهم من فصل جديد في المؤامرة و أستطاعوا أن يفرضوا وجودهم على بيروت و كل لبنان، و أخذ أمراء الإقطاع و المال و السمسرة من أعداء المقاومة اللبنانية يوجهون نداءاتهم للمقاومة الشجاعة كي تحميهم من غضب الشارع و خلال أيام لم تتجاوز الأسبوع إجتمعت الحكومة اللبنانية داخل المنطقة الخضراء و أعلنت إلغاءها للقرارين اللذين إتخذتهما، لقد سلمت مليشيات هؤلاء الأمراء أسلحتها للجيش اللبناني و فرت عناصرها تطلب الحماية من المقاومة اللبنانية في أربع زوايا لبنان و بدا الناس يتذكرون كيف أن وليد بيك جنبلاط صرح قبل شهور مهددا: إذا كان حزب الله و من معه في خندق المقاومة يريدون الحرب فأهلا بالحرب التي ستأكل الأخضر و اليابس!! حتى أشتعلت شرارة صغيرة فإتصل بالوزير طلال أرسلان يطلب منه تولي المسؤولية عن جبل لبنان و تأمين الحماية لمليشيات البيك!
دفعتني الى كتابة هذه المقالة الحملة الظالمة الجاهلة التي شنتها أقلام كتبة معروضين لمن يدفع و تخصصوا بشتم ما هو مقاومة و ممانعة و جهاد و خير في هذه الأمة و مع هؤلاء كانت فضائيات كثيرة تدلي بدلوها لعل أحدا يصدقها و قد تألمت كثيرا عندما قدم تلفزيون أم الحيران برنامجا حول ما حدث في لبنان فإستضاف أردنيا و لبنانيا لم يتركا إساءة إلا وجهاها لحزب الله و لكل أطراف المقاومة اللبنانية دون أي إحساس من هذا التلفزيون بمسؤولية أو توقف و لو قصير عند أن غالبية الأردنيين لا تشارك هذا التلفزيون كراهيته لحزب الله و حقده عليه و دون أن تنجح أقلام الكتبة في إقناع مواطن واحد بأن الشيعة أعداء للسنة أو أن السنة أعداء للشيعة.
عندما يقف المقاومون من هنا و المقاومون من هناك في خندق المقاومة للعدو الصهيوني و العدو الأمريكي و العدو الفرنسي و العدو البريطاني و العدو الذي يمشي بيننا بلا ثوب أو غطاء رأس و عندما تتحدث هذه المقاومة عن تحرير فلسطين من البحر الى النهر و كنس جيوش الأمريكيين و البريطانيين عن تراب العراق الطاهر فإن هذا أكثر ما يستفز أعداء المقاومة العراقية و أعداء المقاومة اللبنانية و أعداء المقاومة الفلسطينية و أعداء المقاومة الأفغانية و الصومالية و هي مقاومة غير معنية بكل ورق الدنيا و حبر الدنيا لأن التاريخ تكتبه البنادق و تحفره في الفجر قوافل الشهداء.
Kmahadin@hotmail.com