الملياردير والمذيع التلفزيوني الامريكي دونالد ترامب هو اقوى المرشحين الجمهوريين لتذكرة الرئاسة الامريكية بعد ان اظهرت استطلاعات الراي العام تفوقه على كل الطامحين بالرئاسة من الجمهوريين الذين طرحوا انفسهم لنيل شرف ترشيح الحزب لهم للانتخابات الرئاسية التي ستجري فعليا في نوفمبر 2016.

دونالد ترامب الذي بدى متفوقا على اقرب المنافسين له جيب بوش بفارق يصل الى الضعف ..انزلق في تعليقه على المناظرة التي جرت نهاية الاسبوع بين اعلى عشرة مرشحين عندما وصف مديرة المناضرة الصحفية ميغن كيلي من قناة فوكس نيوز بالقول “انه كان بامكاننا ان نرى الدم يخرج من عينيها ..ومن اماكن…اخرى” مشيرا الى انها في مرحلة الحيض و قاصدا انها كانت قاسية عليه في اسئلتها ومحاولا التجريح والاهانة.

ردة فعل النساء الامريكات وحول العالم على هذا التعليق كانت متشابهة ومدوية وجاءت بصوت شبه موحد الامر ليس مضحكا يا ترامب وكلنا لدينا دورة شهرية وسنعلمك بموعدها اذا كان ذلك يهمك ….النساء حول العالم اعتبرن النقد تميزي عنصري استعلائي وفي غير مكانه…

الاعلام الغربي انشغل ومنذ ايام بتداعيات التعليق والتاكيد على ان غالبية المجتمع يرفض اي اشارات استعلائية او تجريحية على اساس النوع ،فالمرأة قادرة على القبام بادوارها ولا يعيبها انها تمر بتحولات جسدية خلال اعلان طبيعتها عن استعدادها للاخصاب ومرورها بمراحل البناء والهدم الجسدي….الدم بعني الحياة ويعني الموت ومئات الاشياء الاخرى.

فجميع اعضاء وكونات الجسم البشري مهمة ولها وظائف يصعب الاستغناء عنها ..ولكنها جميعا ترتبط بالدم وتحيا به فهو من ينقل الغذاء والاوكسجين …فنفاذه يعني الموت وتوقف ضخه وجريانه يعني غياب المؤشرات الحيوية …

الناس يدركون غريزيا اهمية الدم فنجدهم يحرصون على ان لا يسال دم المحبين والاصدقاء ويعبرون عن اخوتهم باختلاط الدماء ويعدون ان يضحوا بدمائهم من اجل مبادئهم ومعتقداتهم ومن يحبون ..فالحرية تكتسب لون الدماء…والعشاق يرسمون قلوب حمراء على بطاقات العشق التي يتبادلونها .

للدم زمر نتعرف علىيها عند الولادة ونثبتها على بطاقاتنا الشخصية ورخص القيادة … ومن الدم وتراكيبه نعرف الصحة والاعتلال…ارتفاع ضغط دمائنا يؤشر الى اضطرابات صحية ينبغي ان نلتفت لها وتجاوز السكر والدهن والاحماض مقاديرها الطبيعية في دمائنا مشكلة.

نرتبط ببعضنا بعلاقات قرابية نعبر عنها باختلاط الدماء وتتصاهر الاسر بانصهار دماء الازواج التي يتشكل منها الابناء…نتبرع احيانا بكميات من دمائنا ونستعير دماء الغير لتعمر قلوبنا بعد ان نتجاوز عوارض المرض والاعتلال.

في بلادنا تسيل الدماء كل يوم وتزهق الارواح كل يوم وفي بلادنا لا يؤكل اللحم الا اذا اخرجنا منه الدماء….في دياناتنا يحرم القتل ودماء البعض على البعض ومع ذلك يستمر القتل…

الدم الذي اشار له ترامب اثار نقزز العالم ليس من الدم الفاسد الذي يصاحب انفجار البويضة وتمزق غشاء الرحم بل لوجود رجال يطرحون انفسهم لقيادة امة تجاوزت كل اشكال التمييز.

ترامب الذي رفض الاعتذار عن تعليقه الاستفزازي هذا قد يدخل نفسه في مأزق يفقده تذكرة الترشح التي بدت سهلة المنال..في هذه المرة قد يغرق ترامب في دماء تعليقاته.