"نفسي أشوف حزب سياسي موالي او معارض بعمل حملة نظافة لشوارعنا أو لحدائقنا العامة" هذا ما كتبته ذات مرة على صفحتي الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي لتبدأ التعليقات من الأصدقاء حول ما كتبت بشكل طريف جدا فاحد الأصدقاء علق كاتبا "العياذ بالله ولا حتى تحلم في هذا الموضوع عيب كثير شو نظافة.." ما خلصت اليه من هذه التعليقات ان النظرة التي ينظر اليها الاغلب في هذا الموضوع سلبية جدا وبرأيي ان السبب هو الاحزاب السياسية في بلدنا للأسف الشديد.
فالمراقب للاحزاب السياسية في جميع الوانها سيلاحظ ان البيئة وقضاياها وشجونها ليست ذات اولوية مع ان البيئة في كل مكوناتها في الطبيعة هي الأساس الذي تقوم عليه الحياة ، فمن المخجل حقا أن بلد مثل بلدنا الغالي الاردن يعتبر من أكثر المناطق في العالم تنوعا في المواطن والموارد الطبيعية برا وبحرا فلا تجد حزبا يسلط الضوء خطابا او فعلا على ما تتعرض إليه هذه المواطن والموارد الطبيعية من إستنزاف نتيجة الإستخدام والإستغلال السلبي من الجميع على مستوى السياسات الحكومية أو على مستوى الأفراد وذلك على الرغم أننا كشعب ندفع ثمن هذا الاستنزاف وسنورثه حتما لأجيالنا القادمة ، في الوقت الذي تنشط فيه هذه الأحزاب (المواليه او المعارضة) في تنظيم المسيرات والمظاهرات والندوات والموائد السياسية فقط .
ولو تتبعت حال الأحزاب في الدول الديمقراطية المتقدمة نحو قضايا البيئة لوجدت ان بعض رؤساء الوزراء من الأحزاب الحاكمة فيها لا يجد غضاضة أو الشعور بالخجل من أن يركب دراجة هوائية بدلا من السيارة الخاصة للوصول لمكتبه الحكومي حتى يبعث رسالة لكل أبناء شعبه عبر وسائل الإعلام التي تنقل الحدث عن أثر استخدام السيارات المتزايد في تلويث الهواء وعلى الجانب الآخر تجد أن هذه الأحزاب وعلى مستوى اعضاءها وبالمناسبات البيئية العالمية المختلفة ينخرطوا في المسيرات والحملات التي تنظمها الجمعيات البيئية التطوعية مصطحبين معهم كل أفراد أسرهم من المرأة حتى الطفل الصغير ، ولك ان تتخيل حجم الأثر الإيجابي الذي يتركه مشاركة الاعضاء المشاهير في هذه الأحزاب في الناس والمجتمع عندما تجدهم مثلا يقلمون او يزرعون الأشجار نحو ترسيخ قيمة الشجرة في حياة الأفراد .
وبالنظر مثلا في اكبر مشكلة نواجهها للأسف الشديد في بلدنا وهي ظاهرة رمي النفايات في الطرق والحدائق والغابات والشواطئ فانه وللأسف الشديد ستجد أن اكثر الجهات فاعليه نحو العمل التطوعي في نشر رسائل التوعية المختلفة للحد من هذه الظاهرة هي بعض الجمعيات التطوعية البيئية بالتعاون مع طلبة المدارس في محافظات المملكة في حين تجد ان مشاركة الأحزاب السياسية مع هذه الجمعيات تكاد أن تكون معدومة مع ان المنطق في ان يكون لها الريادة في هذه الحملات..
جميل بل منطقي جدا أن تنبري الاحزاب السياسية لكافة القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية في وطننا الغالي ولكن ان هذا الجمال سيبقى ناقصا إذا لم يكتمل بالإهتمام في بيئتنا الجميلة وان يرتقي عمل الاحزاب في النهوض بالشان البيئي في برنامجها الحزبي وبترسيخ روح التطوع لأعضاءها في الشارع وعلى أرض الواقع لتكون هذه الاحزاب قدوة ومثل رائع للمواطن لعل في ذلك أثرا إيجابيا على بيئتنا وعلى نظرة مواطننا نحو هذه الاحزاب ودورها في المجتمع.