نجل ابن عم الرئيس السوري بشار الاسد، المدعو سليمان هلال الاسد، يقتل عسكريا سورياً، رفيع المستوى، زاحمه على الطريق، واهالي القتيل يطالبون بمحاكمة الفاعل واعدامه، ويخرج بعضهم في مظاهرات في اهم معاقل النظام السوري.
لم يقدم سليمان الاسد، على قتل مواطن سوري، هكذا دون سبب، والحادثة ذاتها ليست غريبة، لان المناخ، قتل في قتل، وكل افراد عائلة الاسد، يتورطون بشكل او آخر في جرائم قتل جماعية، لها علاقة بالفوضى الموجودة في سورية، وعلى هذا فإن السلالة المتورطة في جرائم فردية وجماعية، سلالة ممتدة ولاتقف عند حدود الاخير، فأجرام السلالات علم يجب ان تتم دراسته في الجامعات.
ابتلي الانسان العربي، بسلالات حاكمة، من انواع مختلفة، فإن من يحكم يأتي بكل افراد عائلته، ليصيروا شركاء في الحكم، وليركبوا على اكتاف الناس، مالا واستثمارا وامنا وفوقية، فلا رئيس عربيا اليوم، الا ماندر، الا ومعه سلالته الحاكمة الواجب احتمالها وتقديرها وتقديسها في مرات عديدة.
لم يحمل الناس كل هذه المظالم والاحقاد على الانظمة، لولا اسباب كثيرة، من بينها، اضافة الى افعال الحاكم ذاته، افعال سلالته، وهي سلالات لاتترك مشروعا الا وتدخل فيه شريكة، ولا تترك ارضا الا وتأخذها، ولاتترك احدا من شرها، فنحن امام ظاهرة يتفرد بها العالم العربي، اي ظاهرة السلالة الحاكمة، وليس الحاكم الفرد وحسب.
ولان الذهنية العربية يمكن التلاعب بها دوما، ترى بأم عينيك كيف تصير القصة في سورية اليوم، قصة سليمان هلال الاسد، فيما ينسى الناس، ولو مؤقتا، قصة السلالة الحاكمة كلها، والذي فعلته، على صعيد المنتسبين الى آل الاسد، ومن بايعهم، سياسيا او امنيا او طائفيا، فينسى بعضنا اليوم، ان غير سليمان اسماء اخرى تورطت في جرائم جماعية من رفعت الاسد، مرورا بعشرات الاسماء في سورية، في ازمة دموية، باتت ادارتها عشائرية بعد ان انفض القوم، عن مائدة الرئيس.
اي مستقبل هو لال الاسد في سورية، مجرد وهم، فقد تتم تسوية الازمة السورية، بعد مقتل ربع مليون سوري، وجرح مئات الالاف، وتشريد ملايين السوري، والنظام الدولي سيكون فاقدا لعقله اذا اعتقد ان ابقاء ذات السلالة في حكم سورية، امر ممكن.
قد يبقى النظام ذاته، وتبقى الدولة ذاتها، غير ان آل الاسد، يستحيل ان يبقوا في الحكم بشكل او آخر، والغريب هنا، ان العالم المتنور الحر، يفاوضك احيانا على بقاء الاسد وسلالته، فالغرب من جهة، سرا وعلنا، والشرق حيث موسكو الصين، يلمحان احيانا الى اهمية بقاء العشيرة الاسدية في سورية، وهاهم يتورطون في جاهليتنا الاولى، لاعتبارات تخصهم مباشرة، ولايهمهم ابدا ان نكون مثلهم، بحيث يصير عندنا رئيس منتخب دون تزوير، فشرف الديمقراطية والانتخاب وعلى عكس مايظن كثيرون، لايراد له ان يتسلل الى الشرق، بل ان يبقى عنوانا غربيا، لشعوب تفهم معناه حقا.
من خطايا الاسد الصغير، اي وريث والده، انه لم يسع ابدا، لتطهير حكمه، من سلالة الاسد، ونفوذها في سورية ولبنان، ومواقع اخرى، بل ترك هذه العائلة باعتبارها حملا ثقيلا على صدور السوريين، فزاد من غل صدورهم، وهو ذات المشهد الذي رأيناه في جمهوريات عربية اخرى، عراقية وسورية ويمنية وليبية، فالحاكم يأتيك ومعه سلالته المقدسة، ليفعلوا اضعاف ماتفعله الانظمة غير الجمهورية، التي تبقى هنا حساسة ومتسامحة وحذرة وهشة امام سمعتها، مقارنة مع الجمهوريات وسلالاتها.
جريمة سليمان هلال الاسد، ليست جريمة فردية، حتى نستغرق بالمطالبة بمحاكمته او اعدامه، هي جريمة السلالة الحاكمة، جريمة الذهنية التي تظن ان البلد ملك لعشيرة او عائلة او سلالة او طائفة، جريمة الظن ان اقارب الحاكم، يحق لهم الدوس على البشر، باعتبارهم يدافعون عن النظام في محنته.
لو كان الرئيس بشار الاسد يريد التطهر من افك القربى، لفعل ذلك في بدايات حكمه، اما الان فهو اضعف من ذلك، وبحاجة الى كل فرد في آل الاسد، لان المعركة باتت بين شعب بأكمله وسلالة تظن انها تنتمي الى «دم الاسد» حقا، فيصير اي شيء آخر مجرد ضحية في غابتنا القومية الممتدة من اليمين الى اليسار.
الدستور