مساحات شاسعة بين أنا أعلم .. وأنا أظن !
د.أسمهان ماجد الطاهر
12-08-2015 03:39 AM
فرق شاسع ومسافات بعيدة بين مفهوم العلم بالشيء حد اليقين، وبين الظن والشك. ما نشاهده اليوم من بعض الآراء التي تفسح المجال لأرَضية الشك والنسبية بالتوغل إلى روح المعرفة، أمر يدعو الى صحوة حقيقية، في محاولة للتعرف على المعنى الحقيقي للاحداث والقضايا التي تحيط بنا. نحن بحاجة الى تعلم اصول التفكير التحليلي القادر على ربط المفاهيم، وفهم العلاقة الحقيقية بينها دون شكَ او ظن.
أن تقول أنا اعلم، وانت تمتلك الادلة والبراهين العلمية، مختلف جداً عن، أنا اظن دون اية براهين، والاولى أن يحتفظ الشخص بظنونه لنفسه حتى لا يثير الحيرة في الآخرين، كما الأجدر أن يعمل الشخص على البحث عن المعرفة والابحار في زورقها للوصول الى العلم الحقيقي الذي يعتبر اعلى درجات المعرفة.
يكفي استخدام للمفاهيم في غير معناها! أن كنت تملك اليقين والحقيقة كاملة النص بيضاء من غير سوء قل: اعلم، أما اذا كنت تظن في امر ما فقل: لا اعلم لكني أظن، حتى يعلم المستمع عدم معرفتك الواضحة الصريحة بالشيء او الخبر.
علينا تحديد منظومة المفاهيم وشرح معناها الدقيق كما هي فعلاَ، لأن ذلك يؤدي الى تشغيل تلك المفاهيم وتفعيلها في الواقع العملي، وهى خطوة أولى نحو تحويل القول الى فعل مفيد للبشرية، وهي انطلاقة نحو بناء منهج صناعة المعرفة والعلوم، وكلما زاد التيقن من صحة المفهوم، كلما زادت القدرة على تصحيح العمل به، وتحقيق الفائدة المرجوة منه.
إن الإبحار للتعرف على المفاهيم ومعناها الحقيقي يهدف الى تطوير الفكر الإنساني، وهو جهد عقلي وعلمي وحضاري يشترك فيه الانسان، والامة عبر مؤسساتها السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية، من أجل تشخيص عميق ودقيق للفرص والتحديات التي تواجه الانسان والامة في مختلف شؤون الحياة.
أن الإبحار في زورق معرفة المفاهيم لهو إبحار شًيق لما فيه من اكتشاف للمعاني، وتحريض التفكير التحليلي للقضايا الاجتماعية والانسانية والحياتية، وبالتالي علينا الإبحار في زورق المعرفة للوصول الى الحقيقة، وحرصاَ منَا على الابتعاد عن الشك والظن فهناك مساحات شاسعة، بين مفهوم أنا اعلم، وانا اظن!
للأسف الشديد كثير من شؤون حياتنا قائمة على الظن الزائف رغم معرفتنا اليقينية بأن بعض الظن اثم !
ورغم قبح مفهوم الظن والشك بشكل عام، الا ان هناك في ثناياه زاوية تحمل اضاءة لتنبيه العقل الى التفكير والتأمل في القضايا، وفي التحريض للبحث عن الحقيقة الصافية النقية. أن الظن هو جزء من طبيعة البشر لا نستطيع انكاره أو استنكاره بالمطلق، لكن نستطيع توجيهه نحو الظن الطيب والإيجابي،سواء في الاشخاص، أو في قضايا الحياة المختلفة، ويمكن أن نستخدمة في التحري للوصول الى الحقيقة ليس الا. واخيراً تحضرني عبارة لمحمود درويش عندما قال: من أنا لأخيب ظن العدم! فالحقائق باقية والعدم هو الظن.
الرأي