حكي يتيم ..
جدتي الختيارة
رؤيا البسام
20-03-2007 02:00 AM
نقلت الزميلة سهير جرادات من وكالة الانباء بتر ان المواطنة ((سرة)) 67 سنة قضت خمسين عاما من عمرها ترعى اخوتها واخواتها الستة وتدخل السرور الى نفوسهم بعد وفاة والديهم الا ان شكرهم لها جاء خلافا لحساباتها حيث وضعوها في مأوى للعجزة . ذكرتني قصة سرة بتلك الليلة التي قرر فيها اليتيم ترحيل جدته لدار المسنين من اجل ان يستمتع بليله الطويل .
يقول:
جهزت أمي بقجة أمها والتي هي جدتي ووضعت فيها حطتها القديمة وثوبها ودامرها ( لباس تلبسه العجائز يكون من الداخل صوف) وسجادة صلاتها وربطت بطرفها إبريق وضوئها ووضعت فوقها مصحفها الكبير الذي أصبحت أوراقه صفراء. فغدا سوف تغادرنا إلى دار المسنين حيث قررت وانا رب الأسرة على رحيل جدتي الختيارة وتحويل أوراقها إلى تلك الدار .
جاءت جدتي لتعيش معنا بعد دخول خالي السجن، والسبب الذي جعلني ارسلها لدار المسنين إنها كانت تصر على النوم باكرا وتجبرنا على إغلاق التلفزيون حتى تستطيع النوم لتصحو لصلاة فجرها نشيطة .
لم استطع النوم تلك الليلة، لكني ساعود لسهراتي على التلفزيون واشاهد الفضائيات كما يحلو لي وأشاء، بعد أن تغادر جدتي التي كانت تحكي لنا ونحن صغار في ليالي الشتاء البارد حكايات الشاطر حسن ونص نصيص وأبو زيد الهلالي وذياب وجساس وكليب وكانت تشوي لنا البلوط على صوبة الكاز.
جدتي الختيارة التي كانت تضمني في حضنها لتدفئني وقت عودتي من الحسبة أيام المربعانية وبرد الكوانين وتضع يدي بين يديها الدافئتين المليئتين بالحنان.
جدتي أصبحت عجوزا من تركات الحياة..هدتها الأيام فأصبحت لا حول لها ولا قوة وأصبحت تمشي على أربع، ترى كم جاعت جدتي ليشبع أبناءها وكم قاست البرد القارص لتشعر صغارها بالدفء وكم وكم.
حدرت دمعت قاسية من عيني التقت بدموع أمي التي كانت تبكي تلك الليلة بصمت .
صرخت: (لا) ونهضت من فراشي وأعدت مصحفها ذو الاوراق الصفراء إلى مكانه وإبريق الوضوء حيث كان وفرشت سجادة الصلاة بالقرب من فراش جدتي ودسست جسدي الصغير قربها وقبلت يدها وبكيت.
وللعلم يبلغ عدد دور المسنين التي تشرف عليها وزارة التنمية الاجتماعية اثنتى عشرة دارا تضم "296 مسنا " ثلثهم من النساء " حسب احصائيات وزارة التنمية الاجتماعية سجلت حتى نهاية عام 2006 (12 )الف قضية اقامتها نساء من الاردن ضد الابناء والاخوة للمطالبة بحقوقهن الشرعية "