أسئلةُ الخُبزِ إزاء الغلاء الكوني : ( عُضَّ قلبي ولا تعضّ رغيفي ) ؟!
15-05-2008 03:00 AM
[ يعود بنا الكاتب المصري ( فهمي هويدي ) ، في مقالة صدرت له الشهر الماضي و نُشرت في غير صحيفة عربية ، إلى ما كان عليه إيقاع الشارع المصري ، قبل ما يزيد على ثلاثين أو ربما أربعين عاماً ، صداً كان طبيعياً لنبض الفقراء وغلابى الناس في مصر المحروسة ، حين كان طبيعياً ينزل في باب اليومي العادي ، منظر مجموعة مواطنين يصطفون على شكل طابور أمام إحدى الجمعيات في حي قاهري ما ، ينتظرون دورهم في أخذ حصتهم المعلومة مسبقاً من اللحم أو الدجاج أو الصابون ، أو أي سلعةٍ تموينية من السلع الضرورية لدوام الحال على روزنامة الأيام !
لكن .. أن ينقلب الطابور ( أيامنا هذه ) إلى فوضى ، حتى لا نعطيها ووفق المصدر ذاته وصف المعركة ، وهي بالقطع ليست كذلك فالمعركة قد يصل الدم المجاني فيها ( إلى الركب ) !، ثم أن تكون هذه الفوضى / المعركة في أحد الأحياء المصرية على حصصهم من العيش / الخبز ، فحالة نحسب أنها استثنائية بل ونرجو الله سبحانه أن تكون حالة عابرة قد ولت إلى غير رجعة ..
إلى ذلك أيضاً .. في السياق ذاته ، يستذكر الأستاذ هويدي حواراً ساخناً مع وزير ناصري ، إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله – ونقلاً عنه ، بأن هناك سلعاً خمساً إذا فقدت إحداها من السوق ، فعلى الوزير المعني بتواجد هذه السلعة أن لا يذهب إلى مكتبه في اليوم التالي ، وكان من ضمن هذه السلع الخمس الرئيسة في حياة المواطن المصري : العدس والحليب والفول ، ولا تسعفني الذاكرة في توكيد أو تراتبية هذه المواد ، ولا تذكر المادتين الأخريين أيضاً ، لكن ما أنا على يقين منه – نقلاً عن هويدي – هو أن الخبز لم يكن مدرجاً على القائمة الناصرية آنفاً ، ببساطة لأن الخبز أنذاك كان في ضرورة الماء والهواء ، أي .. وبحسب ( هرم ماسلو ) يصطف ثالث ثلاثة في قائمة الحاجات الأساسية / الفيسيولوجية لأي إنسان .
غرة نيسان الحالي .. وفي إحدى حلقات برنامج ( 90 دقيقة ) ، والذي يقدمه يومياً على قناة ( المحور ) المصرية الإعلامي المعروف ( معتز الدمرداش ) ، وعلى هامش فوضى / معركة الخبز – ويسمونها في الإعلام المصري : ( أزمة رغيف العيش ) ، استضاف الدمرداش أحد الشعراء وهو بالمناسبة من الكتاب الساخرين المعروفين ، والذي عاد منذ عامين فقط بعد غربة عشرين عاماً ، توزعته فيها كف الريح في غير قطرٍ عربي ، بأن حصة الواحد من أفراد عائلته السبعة ، هو فقط ( شمة !) .. في إشارةٍ إلى أن شمّة الرغيف – ناهيك بثمنه وتواجده على المائدة المصرية ، قد باتت أعزَّ – ثمناً وتواجداً وحقاً مكتسباً بالتالي !– من ( شمة الحشيش ) أو الأفيون و ربما ( البودرة : الهريون !) ، على أن ( بركات ) سينما ( الروشنة ) و ( خليك كوول ) و ( مشي حالك وما تبآش أوفر أوي ) !، قد جعلت ( الآغو ) هو الشمة ( الوطنية !) السهلة التواجد والتناول في الشارع المصري (!) وقلوبنا مع المضيف والضيف ومع قلوب جميع الأشقاء المصريين على مصر الحبيبة ، ونسأله تعالى مخلصين ومعنا ضيف الدمرداش الكاتب الساخر ، أن تكون أزمة الرغيف المصري سحابة صيف أو مجرد زوبعة في فنجان ..
على أننا .. خروجاً ، سنتفاءل بأن نتقاطع مع ضيف المحور الكريم ، الذي راح يجزم – بعد إذ شارفت تحويشة غربته على النفاد أي الزوال ، بأن لا وجود للحب أو للخبز في هذا الزمان العربي الرديء (!) فنحن نجزم بالنقيض أي بوجودهما ( معاً ) .. لكن على قاعدة : الخبز قبل الحب .. أحياناً !!! ]
Abudalhoum_m@yahoo.com