حتى وقت قريب (1972) كان الذهب هو المقياس الذي تقاس به قيمة العملات المختلفة ، وكان الدولار مثبتاً بالذهب بمقدار 35 أونصة ثم جاء عصر التعويم وأصبح الذهب أصلاً من الأصول ، تتقرر أسعاره على أساس يومي في الأسواق العالمية.
اقترب سعر أونصة الذهب في وقت ما من 1800 دولار ولكنه هبط الآن إلى ما دون 1100 دولار أي بانخفاض يناهز 40% مما فاجأ بعض المتعاملين فما هي أسباب الهبوط؟
السبب الأول الذي يخطر بالبال هو أن الدولار هو الذي ارتفع بدلالة انخفاض سعر البترول أيضاً ، لأن البترول والذهب من مقاييس القيمة. لكن ارتفاع الدولار قد يفسر جزءاً من الظاهرة وليس كلها.
السبب الثاني أن البنك المركزي الأميركي يلمح إلى قرب رفع سعر الفائدة على الدولار ، بعد ان إطمأن على ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي وانخفاض معدل التضخم. وارتفاع الفائدة على الدولار تزيد في قوته ويصبح الاستثمار فيه أفضل من الاحتفاظ بالذهب العقيم.
لا بد في هذا المجال من التذكير بأن الذهب يعتبر ملاذاً يلجأ إليه المستثمرون عندما تتأزم الامور دولياً ، وتكون هناك مخاطر نشوب حروب وحالة عدم تيقن. لكن الأوضاع العالمية هادئة إجمالاً ، وليس هناك تهديدات للأمن العالمي ، كما أن توقيع الاتفاق الذري بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى عزز حالة الاستقرار والأمن.
يبقى دور المضاربين في الأسواق العالمية ، ذلك أن معظم عقود شراء الذهب تعقدها جهات لا حاجة لها بالذهب. ومعظم عقود بيع الذهب تعقدها جهات ليس لديها ذهب للبيع ، فهذه العقود تجري تصفيتها لتحقيق فروقات الأسعار.
بعد هذا الشرح لا نجد ضرورة للتوسع في تناول أسباب هبوط أسعار البترول ، فمعظم الأسباب التي ذكرناها فيما يخص أسعار الذهب ينطبق إلى هذا الحد أو ذاك على أسعار البترول. تضاف إلى ذلك العوامل السياسية ، واستهداف إيران وروسيا ، وشل نشاط استخراج البترول من الصخر الزيتي.
المحللون الاقتصاديون جاهزون لشرح أسباب أي حدث اقتصادي بعد حدوثه ، ولو كانت أدواتهم علمية لكان عليهم أن يتنباوا بالاحداث قبل حدوثها أي بمجرد توفر أسبابها.
التوقعات يمكن أن تخطئ وهذا ما يحدث في معظم الحالات ، ويمكن أن تصيب عن طريق الصدفة وقوانين الاحتمالات.
الرأي