ايران والعرب: الخيارات الصعبة!
الدكتور احمد القطامين
10-08-2015 07:45 PM
استقبت دولة الامارات كل الدول في الترحيب بالاتفاق التاريخي بين ايران والدول الكبرى حول مشروعها النووي، تبعتها الكويت وقطر وعمان والاردن، بينما عبرت السعودية عن استيائها الكامل، مما يشير الى اختلافات جوهرية في المواقف الخليجية تحديدا حول هذه الموضوع.
وسط الفوضى الهائلة التي ما فتأت تجتاح الاقليم منذ عملية افشال الربيع العربي التي تمت بتعاون وثيق بين قوى محلية واقليمية ودولية ، تبرز ايران كقوة اقليمية ذات قدرة حقيقية على التأثير تمسك بخيوط كثيرة وتدفع بها وسط التجاذبات ذات الطبيعة الاستراتيجية لتكسب مرة تلو اخرى امام حالة الانحسار الاستراتيجي الخطير للنظام السياسي العربي الذي خسر اغلب الاوراق الحاكمة للعبة التوازانات في المنطقة.
كما يقال، فان الفراغ الناتج عن ضعف القوة يحدث عملية جذب لقوى اخرى لملئه،وهذا ما حدث بالفعل، فايران المقيدة بالعقوبات كان لديها ما يكفي من القوة المناسبة لاستغلال فراغ القوة في المنطقة العربية لتتواجد في كل مكان.. كان هذا يحدث وايران تقبع تحت عقوبات تحد من قدرتها على الفعل، فكيف ستكون عليه الحالة بعد ان ادارت عملية تفاوض بالغة التعقيد ونجحت في عقد اتفاقها النووي مع الدول العظمى وتضاعفت قوتها التي ستخصص بالتأكيد لمزيد من فرض النفوذ في الاقليم المضطرب.
في ايران تياران من التوجهات المدفوعة بالضرورات الاقتصادية احيانا وبالمواقف الايدولوجية احيانا اخرى ، تيار يدعو الى المزيد من استخدام تكتيكات القوة للسيطرة على دول عربية انهكتها الحروب الاهلية والسياسات الضعيفة والاقتصاد المدمر وبالتالي بسط النفوذ بالقوة، وتيار آخر يدعو الى ترميم العلاقة مع الدول العربية والسعي لبسط النفوذ من خلال التعاون وتبادل المصالح الاقتصادية المشتركة، وغيرها من اساليب التعامل السلمي.
التيار الذي يدعو لاستخدام القوة لبسط النفوذ يدعم مواقفه بالقول ان الدول العربية ذاتها لا تمتلك حرية اتخاذ القرار بالتعاون السلمي مع ايران اما لعجز هذه الدول عن اتخاذ قرارات سيادية استراتيجية دون موافقة امريكا والقوى الغربية الاخرى المهيمنة تاريخيا على عملية اتخاذ القرارات فيها، او ببساطة لخوف انظمة هذه الدول من تمكن ايران من الاطاحة بها لاحقا.
من الواضح للمتابع الحصيف ان جزء مهما من مسؤولية العلاقة السيئة بين ايران والعرب يقع على ايران ذاتها بينما يقع جزء آخر مهم من المسؤولية على الانظمة العربية، وان الحاجة ملحة للطرفين لاعادة تقييم مواقفهما قبل ان تتجاوز الاحداث نقطة اللاعودة.
ان من الخطأ الاعتقاد ان الصراع بين الطرفين هو صراع مذهبي، فايران تسعى وراء مصالحها بصفتها دولة كبيرة وقوية في الاقليم وليس لكونها تتبع المذهب الشيعي.. والدول العربية تدافع عن نفسها ضد تهديدات ايرانية متوقعة ضدها وليس لكونها دولا تتبع المذهب السني.
ان فكرة المذاهب كأساس للصراع هي في الواقع فكرة اخترعها طرفي الصراع لتحشيد العامة خلف مواقفهما السياسية لاغير. فلو اتفقت ايران والانظمة العربية على حل خلافاتهما السياسية اليوم فلن تجد من يذكر الصراع المذهبي في اليوم التالي..