عطفاً على ما ذكره الأستاذ فايز الفايز مشكوراً عن ضرورة توفير الأمن وهيبة الدولة في مقالة له على صفحات جريدة الرأي الصادرة بتاريخ 9/8/2015 بعنوان " دعم الأمن العام " أقول إن الأمن أولاً ويجب أن يكون قبل الغذاء والكساء والدواء إذ بدون الأمن لا يمكن أن تكتمل وتستمر عجلة النمو والتقدم والإزدهار. وواجب إدامة الأمن فرض عين على كل مواطن ووافد ومستثمر وزائر وسائح وكل من تطأ قدميه تراب الوطن الطهور. ولتحقيق الأمن الوطني الشامل وإدامة هيبة الدولة يجب أن ندرك أننا لا نعيش في مجتمع المدينة الفاضلة ولا ثقافة الشعوب التي سبقتنا بمئات السنين وأننا ابتعدنا بتربيتنا وثقافتنا عن التقاليد والأعراف الإجتماعية الموروثة عن الآباء والأجداد.
ونعيش حالياً مرحلةً استثنائية ونمر بظروف صعبة وقاسية ضمن منطقة من حولنا تشهد نيران مستعرة أدت إلى تدمير البلاد والتنكيل بشعوبها من قتل واعتقال وتشريد وتهجير لا يعلم مصير نتائجها ولا وقتاً لنهايتها إلا الله سبحانه وتعالى. مما يتطلب منا إعادة النظر بما شاب مجتمعنا مؤخراً من ظواهر سلبية غريبة عن عقيدتنا وقيمنا نتيجة فرض بعض الأجندات الأجنبية التي أدت إلى سلخ الجسم التربوي عن التربية وتنامي ظاهرتي العنف المجتمعي والفلتان الأمني من قبل البعض. هذه الاجندات التي جاءت بحجة ما يسمى بحقوق الطفل والمرأة والإنسان والوسائل التربوية الحديثة إلا أنها أفقدت المعلم دوره التربوي ومكانته الإجتماعية وأثرت سلباً على مخرجات العملية التربوية بمجملها غير مدركين أن مصدري هذه الأجندات لا يمكن أن يريدوا لأوطاننا الأمن والإستقرار ولا لشعوبنا النمو والتقدم والإزدهار.
وأن الإفراط الزائد والمبالغ فيه بحجة ما يسمونه الحريات العامة والديموقراطية وحقوق المرأة والإنسان أشبه بمن تعلم السباحة على فرشة ناعمة من الإسفنج وعندما حاول التطبيق العملي في البحر غرق ومات. وبذلك لا بد من التخلص كلياً من هذه الأجندات المشبوهة المتتالية والعودة إلى خبرة الآباء والأجداد في المجال التربوي والثقافي وهم الذين أعدوا أجيالاً تربوا على الفضيلة وحسن الخلق وعشق الوطن. وأن درهم وقاية خير من قنطار علاج ويجب تفعيل دور كافة مكونات المجتمع العام والخاص من إعلام وتوجيه وإرشاد ومنابر ومؤسسات مجتمع مدني لغرس القيم الحميدة وروح الإنتماء الصادق وترسيخ مبادئ الدين الحنيف لدى المجتمع بدءاً من سن الطفولة بعيداً عن الغلوّ والتطرف والعنف المجتمعي والفلتان الأمني.
• ومن ناحية أخرى فإن أسلوب السوط والعصا ولّى وانتهى ولا بد من العمل بالتوجيه الرباني " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " صدق الله العظيم أن الشعب الأردني الأبيّ الذي وقف خلف قيادته الفذة الحكيمة وخلف جيشه الأبيّ وأجهزته الأمنية وقفة عزّ وفخر وكبرياء في أحلك الظروف وأصعبها رغم ما يعاني من فقر وبطالة وضنك العيش هذه الوقفة التي أبهرت العالم بأسره يستحق شعبنا الأبيّ كل احترام وتقدير وتوفير سبل العيش الكريم والعدالة الإجتماعية وتقديم الخدمات الفضلى له بالميدان بعيداً عن سياسة الأبواب الموصدة عملاً بتوجيهات قائد الوطن واقتداءً بمسيرته عندما ارتدى بدلة العمل في يوم عيد ميلاده وأمضى سحابة ذلك اليوم بين أهله وأبناء أسرته الواحدة في مناطق جيوب الفقر يتفقد أحوالهم ويستمع لآرائهم مباشرةً دون عوائق أو حواجز. وكلمة شكر وتقدير يجب أن نزجيها إلى دولة الدكتور عبدالله النسور عندما استجاب لمطالب الشعب الأردني وأوفى بوعوده أثناء أن كان نائباً وأعدّ مشروع قانون " من أين لك هذا " وبأثر رجعي لمحاسبة الفاسدين وتجفيف منابع الفساد. وها هو يطالب وبإلحاح مستمر التخلص كلياً من الترهل الإداري وضرورة العمل الميداني والإخلاص بالعمل وسرعة الإنجاز. وبالمقابل يجب أن يكون أسلوب المطالب المحقة من خلال القنوات العقلانية المنضبطة بعيداً عن أسلوب اللجوء إلى العنف المجتمعي والفلتان الأمني أو المس بمكتسبات الوطن. كذلك لا بد من إعادة دور ومكانة وصلاحيات الحاكم الإداري الذي يمثل قائد الوطن ضمن منطقة اختصاصه وأيضاً دور وصلاحيات الأجهزة الأمنية الساهرة على أمن واستقرار الوطن وصون منجزاته على مدار الساعة. بعد ذلك نعتمد المثل القائل أن " آخر العلاج الكيّ " من خلال إيقاع العقوبات الصارمة والرادعة بحق كل من يخرج عن القانون أو أن يحاول المس بأمن واسقرار الوطن ومنجزاته ليبقى وطننا الغالي واحة أمن وأمان وملاذاً لمن لا ملاذ له من أحرار الأمة ومهوى أفئدة العالم بأسره.
10/8/2015 0777743374 wadi1515@yahoo.com