التقيت الاسبوع الماضي في منتدى اصيلة الثقافي الدولي السابع والثلاثين شخصية عربية مغربية تستحق ان نعرف عنها وعن انجازاتها ومساهماتها التي تطرح في قالب وطني وقومي مبتكر.

تساءلت في ذهني، حين وجهت لي الدعوة من وزير الخارجية والتعاون سابقا الأمين العام لمنتدى أصيلة الأستاذ محمد بن عيسى للمشاركة في ندوة (الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي) في جامعة ابن عباد الصيفية- تساءلت عن طبيعة هذه الجامعة وهذا المنتدى واستعرضت اسماء الاعلاميين المشاركين المدعوين للندوة، أكاديميين وممارسين، اضافة الى حفل افتتاح يتحدث فيه وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي ووزيرالإعلام الكويتي الشيخ سلمان الصباح.

الداعي محمد بن عيسى وزير وسياسي مغربي وسفير ونائب، وانتخب عام 1983 عمدة لأصيلة. واستمر في عمله هذا مدة 27 عاما (باستثناء سنوات عاد فيها للعمل وزيرا ونائبا) راعيا لنشاطات المنتدى التي تجمع المفكرين والسياسيين والفنانين العرب في أقصى الشمال المغربي، في ظلال مدينة تشتم منها عبق التاريخ القديم وتشهد من وراء أسوارها سكان البلدة يتبردون في مياه الشاطئ الممتد على مد النظر. وأصيلة مدينة مغربية حافظت على طابعها التقليدي، لكن قيادة محمد بن عيسى لها للعقود الماضية كرئيس للبلدة اعطتها نكهة مميزة تتمثل في هذا اللقاء السنوي الذي يجمع شخصيات مغربية وعربية وعالمية ذات حضور لمناقشة موضوعات معاصرة. وهي محاطة بسور منيع قديم لكنها ازدانت بحلة قشيبة .

موسم أصيلة الثقافي الذي يأخذ طابعا دوليا تحت مسمى جامعة المعتمد ابن عباد الصيفية والذي يعقد في مكتبة الأمير بندر بن سلطان ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية يمتد في فترته الصيفية الحالية بين 24 تموز وحتى 9 آب. وكمثال على سعة حلقة من نشاطه فقد قدم فيه النشاطات التالية في الندوة الأولى بعنوان (قدما إلى الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة) بين 24 و 26 تموز، تحدث بها رئيس جمهورية الدومينيكان الأسبق ورئيس الاتحاد الإفريقي الأسبق ووزير الشؤون الخارجية المغربي ووزير الثقافة القطري ووزير خارجية صربيا السابق ووزير خارجية الكويت السابق ورئيس وزراء الباكستان السابق اضافة إلى ثلة من الباحثين العرب ومن العالم

النشاط الثاني الذيشاركت به كان ندوة (الاعلام العربي في عصر الاعلام الرقمي) بين 27 و 29 تموز، وشاركت فيه ثلة من الاعلاميين الأكاديميين من جامعات مصر والأردن والجزائر والكويت والمغرب وممارسين اعلاميين وصحفيين عرب ومدونين. وقدمت الندوة الثالثة (الفيلم والرواية في سينما الجنوب) بين 1 و 2 آب؛ وخصص يوم 4 آب لتكريم الفنان الراحل فريد بلكاهية؛ والندوة الرابعة تحمل عنوان (حالة الشعر والشعراء اليوم) وجائزة بلند الحيدري يوم 5 آب، وأخيرا ندوة (العرب: ان نكون او لا نكون) بين 6-8 آب يشارك بها عدد كبير من السياسيين العرب والأجانب. وتصاحب هذه الندوات نشاطات ثقافية ومعارض وعروض ازياء مختلفة بين 18 تموز و 9 آب. وكل ندوة لها متحدثيها ولا يسعك الا الاعجاب بسعة اتصال الوزير ابن عيسى وقدرته الوصول الى اسماء كبيرة ، ويدهشك حسن التنظيم وكرم الضيافة.

حين استضافنا الوزير محمد بن عيسى للغذاء أولا في قصر الثقافة شهدنا موقعا تراثيا مغربيا تم تحديثه بصورة مذهله، وفي مساء اليوم الثاني عقب اختتام ندوة (الاعلام العربي في عصر الاعلام الرقمي) استضافنا في منزله المغربي في وسط أصيلة بساحته السماوية واثاثه المغربي الجميل يضعك في متحف شعبي عابق بالتراث والكرم.

نحن اذن امام شخصية لم تتقاعد ولم تركن للصالونات وأحاديثها ، تنتظر ان تعطى لها الوظيفة التالية، بل امام شخصية دينامية مثقفة دمثة مبادرة مفكرة وازنة تحظى بإجماع أهل البلدة العتيقة تجدد الثقة سنة بعد سنة به وبقيادته وتحلق به ومعه في هذا الموسم لاحتضان الخبراء والفنانين المبدعين من ارجاء العالم لمناقشة الموضوعات المعاصرة بانفتاح وشفافية كجامعة من الجامعات التاريخية التراثية.