استغرب كثيرون تصريحات وزير البلاط الملكي السابق د مروان المعشر حول ان واشنطن غير مهتمة بإنهاء داعش، وتصريحاته لـ"سكاي نيوز" اثارت ردود فعل عديدة.
يقول المعشر في كلامه وهو ايضا وزير خارجية سابق، ويعرف ذهنية واشنطن وآليات تفكيرها من مرحلة الى اخرى ان «الولايات المتحدة لا ترى في تنظيم داعش الإرهابي خطرًا استراتيجيا عليها، وإن واشنطن تتعامل مع الأزمة فقط دون مواجهتها، ولكنها لم تذهب إلى حد دحر داعش عسكريا، مشيرا إلى أن تنظيم داعش لا يشكل خطورة على أمريكا فحسب بل على المنطقة بأكملها، وان الحرب على داعش يجب أن تقاد حقيقة من قبل دول المنطقة بالدرجة الأولى قبل أن تقاد من الولايات المتحدة، وأن التنظيم يقدم مشروعاً ثقافياً إقصائياً همجياً».
كلام الوزير ليس مفاجئا، لعدة اعتبارات،اولها ان واشنطن بقصد او غير قصد، كانت سببا في ظهور هذه التنظيمات المتطرفة، لان الام، اي القاعدة تم توظيفها في افغانستان، ضد السوفيات، من جانب واشنطن وغيرها، تحت شعار ديني، ادى في مضاعفاته لاحقا الى توليد داعش، التي ادى ايضا دخول العراق، من جانب واشنطن، الى تهيئة البيئة لظهورها جذرها المعدل، عن القاعدة.
هذا من جهة، اما الجهة الاخرى فتتعلق بكون واشنطن عدلت من سياساتها، فهي لاتريد التورط في حروب الاخرين، مادام ممكنا ان تتم الحرب عبر بدائل اخرى، فلماذا يتوقع اساسا المعشر ان ترسل واشنطن مثلا قوات برية لتحارب داعش، ما دامت هذه مهمة اساسية ومفترضة من اهل المنطقة، وانظمتها، فواشنطن هنا، لن تضحي بأمريكي واحد لاجل خاطر استقرار العراق او سورية، او غيرها.
مراسل غربي لقناة شهيرة في بغداد يتصل بي قبل شهرين، ويقول لي هاتفيا ان علي ان اصدق ان القوات الامريكية، وبالذات الطيران لا تقصف فعليا قوات داعش، بل ترسل صواريخها قليلا على خطوط غير مهمة لداعش، وتترك المواقع الاقوى والاهم، في العراق وسورية، وله في هذا عدة تفسيرات، اقلها ان واشنطن تريد في عز اعلانها الحرب على داعش، توظيف داعش ايضا وعدم انهاء التنظيم، لغايات ارباك المعسكر الايراني السوري حزب الله، حتى توقيت معين.
واشنطن تستعمل سياسة مزدوجة مع التنظيم، تحشد العالم ضده لاعتباراتها، ولاتتركه يموت كليا لاعتباراتها ايضا، واذا صح تفسيره فأننا قد نشهد الفترة المقبلة نهاية لداعش مادمنا قد بتنا في مرحلة التسوية بخصوص الموقف من ايران وسورية، لان السيف المصلت على هذا المعسكر اي داعش، ليس مطلوبا اليوم، لكننا نسأل بصراحة عن امكانية خلع جذور التنظيم الذي باتت طبعاته في كل مكان، وخرج عن دوره الوظيفي الاساس.
المنطقة، كلها مبتلاة بملفات كثيرة، والازمات تتناسل فيها، ولا اعرف ما الذي يمكن ان يقدمه اهل المنطقة، اكثر من تحولهم لحطب في مواقد الصراعات المذهبية والطائفية ومواجهة التنظيمات المتطرفة.
مايمكن ان يقال للوزير من جهة ولواشنطن من جهة اخرى، ان مهمة انهاء مشاكل المنطقة بما فيها داعش، ليست من مسؤولية اهل المنطقة وحسب، بل من مسؤولية الصانعين والمستعملين وبقية الاطراف، هذا طبعا اذا توفرت النوايا اساسا، لاطفاء النيران في هذه المنطقة.
الدستور