لا ندري الى أين سيأخذ هذا النفر الليبرالي الجديد الوطن ما دام كل شيء فيه معرضا لعملية البيع والشراء.. "كل شيء على اونا"؟!!.. فمؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية وكل القطاع العام غدت معرضة للبيع لتجار أو لشركات عربية أو غير عربية... والأراضي الميري هي الأخرى مطروحة للبيع!!!.. "والكمبورادور" والسماسرة وتجار الكسب السريع وكل الطفيليين ناشطون هذه الأيام في التعاون مع الليبراليين الجدد المسؤولين والمتنفذين منهم في مؤسسات الدولة الحساسة والمهمة والمتقدمة لعلهم ينهشون شيئا من كعكة القطاع العام.. وشعار هذا النفر من الليبراليين الجدد، هو تحديث الاقتصاد الوطني بوسائل وبرامج وطرق حديثة وعدم استمرار التشبث بالوسائل والبرامج الكلاسيكية المتخلفة!!.. ففي منظورهم وقناعتهم كل شيء في الوطن: أراضيه وممتلكاته ومياهه وأجوائه ومؤسساته ومنشآته المدنية وغيرها وحتى أدوات ووسائل الاتصال والبنى التحتية والفوقية وما تحت التحتية وما فوق الفوقية، قابل للبيع والمتاجرة!!.. وفي منظورهم وقناعتهم اي نوع من أنواع الاستثمار وأي نوع من المستثمرين جائز ومقبول!!.. لهذا نقرأ ونسمع عن تجرؤ هذا النفر على الترويج المكشوف لصحة بيع أهم مؤسساتنا الحيوية لمن يدفع أكثر... لقد قرأنا وسمعنا مثلا عن احتمال بيع أراضي المدينة الطبية وحدائق الحسين وأراضي ومباني القيادة العامة في شارع الملك عبد الله وأراض أميرية في منطقة عمان الغربية، لولا أن رئيس الحكومة قد قال للنواب ما يطمئنهم ويطمئن المواطنين..

لقد تسلل الليبراليون الجدد وتوغلوا بل وتغولوا على صعيد السياسة والاقتصاد والاجتماع وعلى كل صعيد في البلاد والعباد.. رافعين شعارات ومروجين لايدولوجيا وبرامج سياسة استفزازية تجيز فتح بوابات ونوافذ الوطن لهجرات ونزوحات محتملة من فلسطين أو من لبنان أو من العراق أو من بلاد الواق الواق.. وذلك باعتبار أن هذا ما تتطلبه "العولمة" واقتصاديات الأسواق!!!...

نحن نعرف أن بريطانيا بلد المفكر الاقتصادي "اوين" والمفكر "سميث" وريكاردو وهم ابرز مفكري الرأسمالية أو الفكر الرأسمالي في العالم لم تعرض جميع مرافق ومؤسسات القطاع العام للبيع.. أو لعملية "الخصخصة"... وحتى سكة الحديد وقطاراتها لا تزال بمنأى عن عمليات البيع لمستثمرين أجانب.. وجميع الدول الأوروبية التي لها تاريخ حافل في استعمار بلاد الأمم والشعوب الأخرى في القارات الأخرى ترفض استقبال المهاجرين والنازحين حتى من عملائها من مستعمراتها القديمة أو الجديدة...

فلماذا هذا السعي الحثيث والممنهج لاستباحة مقدرات هذا الوطن من خلال استغلال معاناته ومعاناة أبنائه من ضائقات اقتصادية ومعيشية سببها الغلاء وارتفاع اسعار النفط والمواد التموينية على هذا النحو الجنوني؟!!..

وبالمناسبة في ذكر النفط الذي تحول الى نقمة على معظم شعوب امتنا العربية والإسلامية بدلا من أن يكون نعمة منّ بها الله عز وجل على هذه الأمة.. فتحولت الى وسيلة لإفساد النفوس والترف غير المشروع... وشكلت حوافز ومغريات لغزوات المستعمرين لمنطقتنا وقتل أبناء امتنا والعمل على إذلال شعوبنا...

وبالعودة الى أساليب هذا النفر المتغول من الليبراليين الجدد في بلدنا نقول: ارفعوا أيديكم عن مقدرات هذا الوطن وعن مؤسساته ومرافقه الحيوية والحساسة وعن أراضيه الميري وعن معالمه التراثية والحضارية والتعليمية والصحية والأمنية اللازمة كل اللزوم لأبنائه..

وعلى الدولة أن تضع حدا لعمليات "الأونا" لبيع اي مؤسسة أو مرفق أو ارض حبيبة على قلوب أبنائنا وتشكل معلم هذه العاصمة الجميلة، ومعالم هذا الوطن الغالي قبل أن تقع الفأس في الرأس، والاحتقان لا يظل مجرد احتقان فحسب...
عن الحقيقة الدولية.