« القاكم غداً عند الساعة الحادية عشرة مساءً إن كان هناك من العمر بقية لكن ان انتقلنا إلى رحمة الله تعالى تذكروا أن من كان يضع هذا الميكروفون على صدره ومن كان يقف أمام هذه الكاميرا كان يدعو الله ان يحمي الوطن وأن يديم عليه نعمة الامن والامان حتى وهو يُلحد «شكلها قرّبت» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ».
بهذه الكلمات ودّع الزميل نايف المعاني جمهوره عبر برنامجه على قناة الحقيقة الدولية . قالها وهو يبتسم كعادته دوماً . ابتسامته تسبق يده عندما يصافحك .وضحكته سر حيويته وحياته التي يبدو انه كان يعلم ان نهايتها حانت .
هكذا هم المؤمنون الطيبون الرقيقون محبو الخير للجميع . وكان نايف في مقدمتهم سبّاقا لعمل الخير وتقديم يد وقلم وصوت المساعدة لكل من يطلب منه حاجة ما استطاع إليها سبيلا. سبيل نايف المعاني كان مفروشاً بالنوايا الطيبة والروح الشفافة والايمان بان الخير يعم عندما تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وحياة الإنسان مقدسة يجب صونها والحفاظ عليها من قسوة الفقر ووحشية الظلم .كان احساسه بان الحياة فانية، واعمل خيراً قدر ما تستطيع، يظهر في عينيه حين يحدثك عن محتاج او صاحب مشكلة .
هكذا نعرفه نحن ممن زاملناه سنوات طويلة في «الدستور» وعرفناه في محطات حياته الاعلامية التي تنقل فيها من «صوت الشعب» إلى «الأسواق» إلى قناة الحقيقة الدولية إلى اذاعة الأمن العام «امن اف ام ». لكأن صوته كان يخرج من قلبه ويعلو بمهنية رفيعة اكتسبها كصحفي مخضرم واعلامي واثق من قدراته ، والاهم من نفسه . رحل نايف فجأة بلا مقدمات ، انيقاً، مبتسماً، واثقاً بأن الاعمار بيد الله سبحانه .وعد محبيه ان يلقاهم غداً«ان بقي في العمر بقية» .
كان يشعر انه لم يعد ثمة بقية وان الأجل المحتوم قد دنا ، بل لم يبق منه سوى ساعات . فُجعنا بك يا نايف . فلن القاك صباحاً في «الدستور» لتقول لي « ها ما رأيك؟» وانت تشير الى ربطتك و قميصك وجاكيتك وبنطالك وحذائك اللامع .لن اشم رائحة عطرك الخاص الذي كان يبقى طويلاً في المكان الذي تجلس فيه بالجريدة لأقول للزملاء «نايف كان هنا » . لن اسمع بعد اليوم ضحكتك الطازجة كروحك ، العالية ككرامتك التي لم تتنازل عنها يوماً. وداعاً أيها الرجل المحترم الأنيق الشهم .وداعاً ابا شهم .
الدستور