الأوراق النقاشية وقفة مراجعة ..
سامي المعايطة
06-08-2015 04:46 PM
منذ أن تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية في عام 1999، حرص جلالته على إرساء رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن.
ومن هنا جاء إطلاق جلالته سلسلة من الأوراق النقاشية عبر فترات زمنية متباينة لتجسد خلاصة رؤيته لحكمه وعلاقته مع شعبه، ودأب جلالته على ايصالها ونشرها بشتى السبل والوسائل لأبناء شعبه عموما، والشباب خصوصا ومن هنا جاءت لقاءات جلالته المستمرة مع الجميع وخصوصا الشباب وحواراته الصريحه معهم واصطحابه لمجموعات من الشباب في جولاته الدولية، إيمانا منه بضرورة إيجاد رافعة شعبية شبابي مجتمعية وهي الشباب الأردني ليحملون معه رسالته نحو المضي بالأردن قدما نحو المستقبل المشرق، ويشاركونه الإيمان بها رؤية وفكرا وثقافة وسلوكا وقناعة، لا ُتفرض فرضا وإنما فكرا وقناعة يؤمنون بها ليحملوها لكل الشباب الأردني عقيدة وسلوكا ، وقد تعززت قيمتها من جلالة الملك المعظم بنشرها تحت عنوان الأوراق النقاشية أي ليست مفاهيم أضفىت عليها صفة الجمود و القراراتوإنما تجسد بوضوح فكر ورؤوية الملك للأردن الديمقراطي، لذلك سميت بالنقاشية لتكون سابقة بحوار القائد مع شعبه وليطلق العنان لاصحاب العقول والأقكار، وخصوصا فئة الشباب ليتحاوروا حولها، ويترجموها الى برامج..
وكلنا يعلم أن النقاش يحمل مفهوم التوافق والخلاف، وهذه قمة الديمقراطية والنموذج الحضاري لتعامل القائد مع شعبه وشبابه، وسعي جلالته إلى تحفيز حوار وطني دائم ومستمر حول مسيرة الإصلاح المستمرة وعملية التحول الديموقراطي التدرجية التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء لكافة الأطياف الشعبية حول عملية الإصلاح، وقد تجسدت الأوراق النقاشية الأربع بحالة من التكامل والتناغم والشمولية حول أدوات التحول الديمقراطي وأدبياته وفكره وثقافته والسلوك الذي يجب تطويره، كل ذلك يوازيه تطوير متدرج ناظم للتشريعات والاصلاحات الدستورية والقوانين وصاحبها إجراء إنتخابات بذات الوقت وهذا ما يسمى بتوافق الفعل مع القول وقد إرتكزت العناوين للأوراق النقاشية بالعناوين والمحاور التالية:
. الورقة النقاشية الأولى "مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة" الورقة النقاشية الثانية"تطوير نظامنا الديمقراطيلخدمة جميع الأردنيين" الورقة النقاشية الثالثة"أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة" الورقة النقاشية الرابعة "نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة" ولعل ما تضمنته هذه الأوراق الملكية الكثير من المفاهيم والمفردات والقيم والمضامين السياسية والاجتماعية والثقافية والسلوكية وما حملته من رسائل ،تجسد ملامح الرؤية الاصلاحية للملك ومؤسسة العرش للمستقبل ، فهي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك رؤية ثاقبة تدعمها إرادة سياسية جادة وقوية لدى صانع القرار الأول في البلاد لتعزيز وتعميق النهج الديمقراطي بطرق علمية و عملية غير تقليدية، إسهاماً من جلالته في دعم مسيرة الإصلاح التي رسم خطوطها جلالته داعيا الى البدء بقوة في تنفيذها وتجويلها الى برامج عملية ونظم قابلة للتطبيق في محاولة للاستجابة والاستفادة من اللحظة التاريخية التي يمر بها الأردن خصوصا والمنطقة العربية بصورة عامة ، وذلك لتعزيز وتطوير بناء الدولة لمواجهة المتغيرات المتسارعة التي تتوافق مع إراداة الشعوب ،والرؤية لا تقل أهمية عن الإرادة السياسية والرؤية للقيادة حينما تتكامل مع إرادة الشعوببالضرورة الحتمية يمكن إحداث التغيير المطلوب، وبدونها نبقى نراوح مكاننا ويتعذر قيام نظام ديمقراطي مكتمل الأركان . والوقوف مطولا عند الاوراق النقاشية يحتاج الى سلسلة من المقالات والتحليلات ولكن بهذه الاسطر دعونا نتوقف عند المحاور الأساسية لها وفق تسسلها ، لنعود ونقيم تفاعلنا معها وقدرتنا غلى تحويلها الى برامج ومسارات للتطوير والتوافق الوطني جكومة وبرلمانا ومنظمات مجتمع مدني وأجزاب وشباب في جميع المحافظات حيث جاءت الورقة النقاشية الأولى مكونة من مضامين اساسية أهمها :من حيث تناول توقيت طرح الورقة، وهو بدء الحملات الانتخابية لانتخابات مجلس النواب السابع عشر، وهذه الانتخابات والتي كانت باكورة الاصلاحات الدستورية وتشكيل الهيئة العليا لإدارة اللإنتخابات وكانت محط اهتمام واسع للمجتمع الأردني، بالرغم من التعديلات التي طرأت على العملية الانتخابية برمتها، وليس قانون الانتخاب وحده والذي أصبح فيه مكان للقائمة الوطنية، ولكن لا يقل أهمية عن القائمة الوطنية إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات لطي حقبة انفراد وهيمنة السلطة التنفيذية في الإشراف على الانتخابات وأحياناً التحكم بنتائجها لدرجة أفقدت المواطن الثقة بجدوى العملية الانتخابية، ومن المفردات والقيم والرسائل التي أكدت عليها الورقة في هذا الجزء مسائل متعددة ومتنوعة وفي غاية الأهمية، منها أن النيابة ليست حصانة وامتيازات ومكاسب شخصية، وذلك على النحو الذي مارسه النواب في أكثر من مجلس، وإنما خدمة للناس وتمثيلا للشعب وتحملا لمسؤولية وطنية كبرى، وعلى من يتصدى لها أن يضع مصلحة البلاد والوطن في مقدمة اهتماماته واعتباراته.. وإذا كان المرشح يسعى لتحقيق مكاسب شخصية من خلال البرلمان، فإن على المواطن أن يتحمل جزءاً من هذه المسؤولية من خلال السلوك التصويتي بحيث يدلي بصوته على أساس محددات سياسية أو ديمقراطية باختيار الأقدر على القيام بهذه المهمة، وترجمة آمال وتطلعات الناخبين، وليس على أساس محددات عائلية أو شخصية أو مصلحية ضيقة، وهذا من شأنه استعادة الثقة المفقودة بالمؤسسة البرلمانية، وهكذا كانت الانتخابات فرصة لإطلاق حوار وطني شامل وصريح ومباشر ومرجعية ضرورية للمسيرة الوطنية تتناول كافة هموم الوطن والمواطن وقضاياهما بعيداً عن المجاملة والمساومة على ثوابت الوطن ومنظومات القيم فيه و بلورة إحساس جمعي بالكرامة والاعتزاز بما ننجزه سويا كشعب واحد وتنمية إحساس وطني بالإنجاز، مستمد من التغلب على التحديات، والتسلح بروابطنا وتضحياتنا المشتركة، والإيمان بأن طريقنا نحو الازدهار والأمان ينطلق من ديمقراطيتنا التي تتعزز يوما بعد يوم. حين أن المشاركة بقوة في صناعة مستقبل الأردن من خلال التصويت في الانتخابات، والالتزام بالديمقراطية نهج حياة و إدامة الحوار البناء والقائم على الاحترام بين المواطنين والتواصل عبر وسائل الإعلام بما فيها الاجتماعي والإلكتروني. وتجذير أسس التعامل الحضاري بين المواطنين، وثقافة العمل التطوعي، بما يقود إلى مستويات متقدمة من الثقة والعطاء في المجتمع. وإذا كان هذا الحوار هو طريقنا المنشود وخيارنا الوحيد في هذه المرحلة، فإن الحوار الذي يحقق غاياته وأهدافه يتبغي أن يشارك فيه كل من يؤمن بأن لا أحد يحتكر الحقيقة المطلقة، وأن الإيمان بالتنوع والاختلاف من أبسط متطلبات وشروط الحوار الديمقراطي، الذي يفضي في العادة إلى التوافق وليس الإجماع، وحذرت الورقة من الانفراد بالرأي أو القرار وسد الآفاق ومنافذ الأمل أمام التوافق، لأن هذا سيؤدي إلى تراجع المسيرة الديمقراطية وربما الأخطر من ذلك التأسيس لثقافة الإقصاء والتهميش والاستبداد وربما تكريس التطرف والعنف. لذلك علينا ان نتجاوزها لاعادةالحرية واليمقراطية الى مسارها الصحيح لان الديمقراطية لا تكتمل الا بالمبادرة البنائة وقبول التنوع والاختلاف بالراي كما قال جلالته في روقته النقاشية . أما الورقة النقاشية الثانية فمن أهم مما تضمنته اربعة مبادىء اساسية لا من ان تتجذر في سلوكنا السياسي والاجتماعي حتى نصل للبناء الديمقراطي المنشود. وتترسخ قناعات ثابتة في حياتنا اليومية خلال السنوات القادمة. وتتجلى في مبادىء أساسية :: 1- احترام الانسان وكرامته 2- جميعنا شركاء في التضحيات والمكاسب المواطنة وواجب المساءلة نختلف لكن لا نفترق والحوار والتوافق واجب وطني 3- يؤكد جلالته باننا بالالتزام بالباديء الديمقرطية السابقة 4- بناء حس وطني بالانجاز نستطيع التاكد باننا على الطريق الصحيح وونصل الى مرحلةجديدة حافلة بالعطاء مرحلة التلازم بين المواطنة والديمقراطية. أما الجزء الثاني من الورقة تناول بالتحليل العميق عدة قضايا رئيسية تمثل خريطة طريق وبرنامج عمل لدعاة وأنصار الإصلاح والديمقراطية في البلاد، وهي: احترام الرأي الآخر المختلف، وهذا قبل أن يكون سلوك ديمقراطي، هو قيمة إنسانية وحضارية نبيلة، وتعكس نضج ديمقراطي وثقافة متسامحة تؤمن بالتعدد والتنوع والاختلاف، وتؤكد وقائع الأحداث في الفكر العربي أن الأحادية سواء كانت الرأي الواحد أو الحزب الشمولي والاستبدادي تؤدي إلى تقسيم المجتمع إلى أنصار وأعداء وموالاة ومعارضة، وبالتالي زيادة حدة الاستقطاب في المجتمع وزرع بذور الشقاق الذي ربما يتطور لاحقاً إلى صراعات ونزاعات يخسر فيها الجميع، والتاريخ الحديث لشعوب المنطقة خير شاهد على ذلك ولا يتسع المجال لذكر الأمثلة في هذه العجالة لإثبات صحة هذه الحقائق. وتحدثت أيضا عن المواطنة المسؤولة، وتكمن قيمة هذه الفكرة بأنه تاريخياً كان ميلاد الديمقراطية مرتبطاُ بفكرة المواطنة، وفي مرحلة لاحقة لعبت المواطنة دوراً حيوياً في نشوء وتشكيل المجتمعات الديمقراطية، والورقة النقاشية أكدت على أن المواطنة البناءة مواطنة مشاركة دائماً، وهذه المشاركة هي شرط تقدم المجتمع ونجاحه في تعزيز الديمقراطية. فهي قيمة وسلوك يتمثلان بضرورة المشاركة في الحياة العامة. ولا شك أن قيم وسلوكيات المواطنة تتجذر بتطور المجتمعات ووعيها وإيمانها بدورها وحقوقها وواجباتها. ووفق رؤية جلالة الملك فإن هذه المشاركة ليست موسمية بمعنى أنها ليست مرتبطة بالعملية الانتخابية بحيث تختزل بالإدلاء بصوت الناخب في يوم الانتخاب وكفى، وإنما هي عملية مستمرة متواصلة، والانتخابات هي محطة من محطاتها، والمواطنة المسؤولة تقتضي أن يبادر المواطن في تقديم رؤيته وأفكاره وحلوله المقترحة لهموم ومشاكل البلاد والعباد في كافة المناسبات وعلى كافة المنابر. وهنا يبرز دور الإعلام المهني المسؤول في إثارة القضايا المجتمعية وتسليط الضوء عليها، ولا سيما القضايا الحياتية للناس مثل الماء والبيئة وحوادث السير وغيرها. وتحدثت عن التنوع والاختلاف في المجتمع، فالتعدد في المجتمع هو عنصر قوة وليس عنصر ضعف في المجتمعات الواثقة بنفسها، والحوار هو الوسيلة الأمثل للتعامل مع واقع التنوع والاختلاف والوصول إلى الحلول الوسط أي التوافق، وهذا يتطلب أن تسود قيم التضحية والإيثار وتقديم الصالح العام على المصالح الخاصة والمؤقتة، ونبذ كافة أشكال التطرف والعنف سواء كان مادياً أم معنوياً. إن التعددية تفرز نوعا من الانقسام والتنافس وعدم الانسجام في المجتمع الواحد، ولكن المجتمع الحديث هو الذي يحافظ على الوحدة والتماسك والانسجام في الدولة في إطار التنوع والاختلاف. ولا شك أن الحوار وسيادة القانون والعدالة والثقافة المدنية والاتفاق على قواعد اللعبة السياسية هي الطريق التي سلكها الكثير من شعوب العالم التي تعاني من تعددية عرقية ولغوية ودينية وغيرها ونجحت في تعزيز الوحدة الوطنية وتثبيت دعائم النظام الديمقراطي وبالنسبة للورقة النقاشية الثالثة فقد أضاء الملك مساحات وافية لمناقشة التطور السياسي في الأردن، مع التركيز على مستقبلنا المشترك وكيفية المضي قدماً، خاصة بعد الانتخابات النيابية، التي أجريت نهاية كانون الثاني (يناير) العام الماضي حيث حدد متطلبات التحول الديمقراطي ولخصها وحث الجميع على اعتبارها خارطة طريق وهي : متطلبات التحول الديمقراطي الناجح هو الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاثة متطلبات أساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل، وهي: أولاً: حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق. ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضج. ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب، وحصولها على مزيد من المقاعد، وتشكيلها لكتل نيابية ذات قواعد صلبة، سيكون هناك قدرة أكبر على إشراك نواب كوزراء في الحكومة. ثانياً: سيكون على الجهاز الحكومي تطوير عمله على أسس من المهنية والحياد، بعيدا عن تسييس العمل، لمساندة وإرشاد وزراء الحكومات البرلمانية، خاصة وأن هذا النموذج يعني بمفهومه الأشمل أن الوزراء الذين يكلفون لتولي حقائب معينة قد لا يتمتعون بخبرة عملية سابقة في مجال عمل الوزارات التي سيتولونها (مفهوم الوزير السياسي مقارنة بالوزير التكنوقراطي). ولذا، فمن الضروري أن يصبح الجهاز الحكومي مرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية، ومن المهم أيضاً أن يعتمد الوزراء على خبرات هذا الجهاز في صنع القرار. ثالثاً: تغيير الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بما يعزز نهج الحكومات البرلمانية، وعلى مجلس النواب المباشرة بذلك والاستمرار في بناء هذه الأعراف وتطويرها. والهدف من هذا الأمر، هو أن تساهم هذه الأعراف في تأطير آلية تشكيل الحكومات من خلال التشاور والتوافق بين الكتل النيابية. وهذا سيتطلب بلورة فهم مشترك حول كيفية وصول هذه الكتل إلى وضع برامج تعكس سياسات متفق عليها كأساس للتعاون والاستقرار الحكومي. وبالمقابل، فإن أحزاب المعارضة بحاجة إلى بلورة أعراف مماثلة تحكم آلية التعاون فيما بينها من أجل مساءلة الحكومات وعرض رؤى بناءة بديلة (كحكومة ظل). ولا شك أن دور المعارضة هذا يشكل أحد عناصر النجاح لتجربة الحكومات البرلمانية الورقة النقاشية الثالثة تعتبر ميثاقا مرجعيا للنهوض بالمسيرة الديمقراطيةللوطن والدافعلبقاء الوطن الاردن بخير ووقد ركزت الورقة على المكونات الاساسية لتحقق الرؤى الملكية والتي تشكل المرحلة القادمة واهم مرتكزاتها خروجها من اطار الوراثة. فرؤية جلالة الملك في الإصلاح تحمل في طياتها «نقدا مهما» للواقع اليوم؛ ما يفرض علينا جميعا أن نبدأ بتغييره، ما دامت الإرادة السياسية جادة وصادقة.ونحن ندعو النخب السياسية والحراكات الشعبية والشبابية لان تعتبر الاوراق النقاشية لجلالة الملك فرصة لتلاقي الافكار والاتفاق على الاهداف والبرامج مما يسهل مهمة الجميع في تحمل مسؤوليات كل مرحل وأن ما يخالف رؤى جلالته في تحقيق الإصلاحات الشاملة؛ هو واقع الأحزاب، البعيدة عن الشارع، والفقيرة في برامجها، والمجالس النيابية، التي لم تنصهر بعد في العمل الكتلوي، جراء فقر الحضور الحزبي في البرلمان، وأخيرا الحكومات، التي ما زالت تتعثر في الجانب التنفيذي لبرامج عملها. كما أن دور المواطن ما يزال غير فاعل في المشاركة في صناعة واتخاذ القرار، وهو ما يحتم عليه انتخاب الأكفأ وليس الأقرب ويحث المؤسسات الدستورية على اعتبار الأوراق النقاشية الاربع «برنامج عمل» يحكم أداءها، خلال المرحلة المقبلة، وعلى مجلس النواب أن يتجاوز مشكلة الكتل النيابية، ويفعل دوره بالمشاورات في تشكيل الحكومة، على أرضية المصلحة العامة، وليس أي شيء آخر»، وعلى الحكومات، التي تحظى بالثقة النيابية، أن تطور برامجها التنفيذية، «عندها قد يجد المواطن فرصة لتحمل مسؤولياته عن سابق جدارة واطمئنان». و «ما ينقصنا اليوم هو الاتفاق على أن مضامين الأوراق النقاشية لجلالة الملك بشكل عام، والورقة الأخيرة بشكل خاص، يمكن لها أن تعيد صياغة التوافقات اللازمة للخروج من أجواء غياب الثقة»، إضافة لتوفيرها «محركات التفاعل السياسي المطلوب لضمان مرور مسيرة الإصلاحات إلى بر الأمان و جلالة الملك قدم برنامج عمل إصلاحي، ويمكن للمؤسسات الدستورية أن تبدأ بتنفيذ هذا البرنامج فورا، بعد السير على هدي خريطة الإصلاح التي يريدها جلالته. وإنشاء أحزاب سياسية واقعية وبرامجية، وتعديل التشريعات اللازمة لتمكين عمل الأحزاب سياسيا، وارتقاء أداء مجلس النواب والكتل النيابية في العمل التشريعي والرقابي، مع التزام الحكومات بتكامل الأدوار بينها وبين السلطة التشريعية، (كل هذا يؤسس مرحليا للبناء الإصلاحي المتين) ويشدد جلالته على ضرورة التدرج في التطور السياسي، وبناء الإصلاحات، وحذر من «حرق المراحل»، أو «القفز إلى المجهول» وأن «تراكمية خطوات الإصلاح ستوصلنا بالنتيجة للإصلاح المنشود». والإصلاح من وجهة نظر الملك هو «إصلاح شامل»، وأكد أن دور الملكية سيتطوروهو ما ينشده الملك بقناعة راسخة ودافع ذاتي، بقدر ما يتطلبه تطور الملكيات الدستورية.وإن مسؤوليات الملكية «أخذت تتطور فعلاً في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي أرست أطراً جديدة لها، وهذا دليل على التقدم الذي نحرزه نحو تطّور الملكية. حيث هدفت التعديلات إلى تطوير ديمقراطيتنا من خلال تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في صناعة القرارات التي تمس حياتهم وتشكل مستقبلهم وهذا يتطلب : أولها، وجود منظومة متطورة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة. ثانيها : أن يكون إشراك النواب في الحكومة متدرجاً، وبالتوازي مع نضج العمل السياسي النيابي الحزبي، ممثلاً في مأسسة عمل الكتل النيابية وتطورها، بحيث تبنى على أسس برامجية وأكثر صلابة وتتطور تدريجياً إلى كتل حزبية، وهذا يرتبط زمنياً بقدرتنا على تطوير أحزاب وطنية وبرامجية فاعلة وذات امتدادات شعبية. وسيتعمق نهج الحكومات البرلمانية مع تقدم العمل الحزبي والبرلماني، من خلال الدورات البرلمانية القادمة، بحيث تٌجرى الانتخابات من خلال تنافس أحزاب على أسس برامجية، مع الحفاظ أيضا على حق الأفراد المستقلين بالتنافس في الانتخابات، والذي يؤدي في النهاية إلى ظهور ائتلاف برلماني على أسس حزبية، يتمتع بالأغلبية ويشكل الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يقوم بدور حكومة الظل في مجلس النواب. ثالثها: أن نطور عمل الجهاز الحكومي ليصبح أكثر مهنية وحيادا وبعيدا عن تسييس الأداء، ليكون مرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية لدعم وزراء الحكومات البرلمانية في صنع القرار. ويوفر الحوار الوطني الذي مهد له جلالته مخاضا ديمقراطيا بنّاء لتعميق تجربة الحكومات البرلمانية، ولتطوير آلية التشاور لاختيار شخص رئيس الوزراء القادم، وكيفية إشراك النواب في الحكومة من عدمه وبأي نسبة تكون. ويشترط في تطور الملكية أن يقابل هذا التطور «نضوج وتطور النظام النيابي»، من خلال وجود أحزاب سياسية ذات برامج وسياسات وخطط، تمكن الناخبين من الحكم عليها، وتكون قادرة على إنتاج مرشحين على مستوى عالٍ من الخبرة والتأهيل، يصلون إلى مجلس نواب قادر على إفراز حكومات برلمانية، يدعمها الجهاز الحكومي بسياسات مبنية على معلومات دقيقة ودراسات وافية وموضوعية، ووجود نظم عمل وهيكليات مناسبة لاتخاذ القرارات ضمن مجلس النواب»، ويضاف إلى كل هذه المتطلبات مشاركة فاعلة من المواطنين، كما يقول جلالة الملك. ونحن نعتقد بأن الحلقة المتماسكة، والخطوات المتتالية التي حددها جلالة الملك في الاوراق النقاشية الاربعة «تُلخص منظومة الحاجة الإصلاحية التي نريدها؛ وهي أحزاب حاضرة في المشهد السياسي، ومجلس نيابي ينتخب على أساس حزبي، وحكومات تتشكل من الأغلبية النيابية، ومواطن ينتخب على أساس البرامج وليس على أساس الأشخاص، ونظام ملكي يستجيب للتطور مع كل هذه التطورات»، ونخلص إلى أن هذه الخلاصة الملكية هي «الوصفة الإصلاحية المثالية لتجذير الديمقراطية في البلاد ولضمان استمراريتها . أما الورقة النقاشية الرابعة فقد كانت برنامجا عمليا من خلال تكليفه لصدنوق الملك عبدالله الثاني للتنمية باطلاق برنامج التمكين الديمقراطي يمضي في توفير أدوات المواطنة الفاعلة والذي يأتي إطلاقه بدعم ملكي مباشر ليأتي كمحطة إضافية وجديدة على مسار التنمية السياسية وتعزيز المشاركة الشبابية حيث عبر جلالته من خلاله عن تقديره لجميع الجهود التي بذلها العديد من الأردنيين والأردنيات شيباً وشباباً من رواد العمل الاجتماعي من أجل تنمية حياتنا السياسية والمجتمعية. إن هذه الجهود تشمل كل من أدلى بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكل من شارك في مظاهرات سلمية بناءة تراعي مصالح الوطن، وكل من قاد جهودا مجتمعية مثل نشاطات طلابية وكشفية في المجتمعات المحلية، أو في تنظيم جلسات نقاشية وحوارات إلكترونية حول المستجدات السياسية.إن هذا البرنامج سيساهم في ترسيخ المواطنة الفاعلة، وسيعمل على تمكين الأفراد والمؤسسات، ممن لديهم أفكار عملية، لتطوير نموذجنا الديمقراطي، عبر تقديم الدعم لترجمة ذلك على أرض الواقع. فالبرنامج أطلق ليدعم الرياديين الاجتماعيين ومؤسسات العمل الشبابي ليتيح لهم التأثير في الشأن العام، عبر زيادة وإثراء المنابر الديمقراطية المتاحة كمنتديات الحوار، وبرامج التدريب، وغيرها من الأدوات المتوافرة لكل الأردنيين ليصبحوا مواطنين فاعلين ومنخرطين في الحياة العامة.ويدعم البرنامج في البداية مشاريع تهدف إلى تعزيز مناخ المساءلة والشفافية، وإتاحة فرص جديدة أمام الأردنيين لمناقشة القضايا المهمة التي تواجه الوطن، وتسخير كل المواهب والإبداعات المرتبطة بخدمة المجتمع . وبعد إستعراض خلاصة الاوراق النقاشية الملكية والتي تشكل منهاجا فكريا ديمقراطيا للعلاقة بين الحاكم وهي مؤسسة العرش والأردنين في جميع المحافظات تثور جملة من التساؤلات المشروعة لأي مواطن في تحويل هذه الأطر والقيم والنظريات بنحويلها الى برامج تفاعلية قابلة للتطبيق على أرض الواقع والبدء بتفعيلها كأرضية راقية للحوار بين جميع الأطراف وخصوصا الشباب ولعل القارئ الجيد لها لاحظ قدرتها على ملامسة الواقع وأن الكرة اليوم في ملعب المؤسسات الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات العمل الشبابي والمؤسسات الدينية والتعليمية والأكاديمية في ترجمتها أرضية للحوار التفاعلي والخروج منها ببرامج توعوية تثقيفية للشباب في المدارس والجامعات ومؤسسات العمل الشبابي والحزبي والنقابات للحوار حولها والنقاش حول أبجدياتها وتحويلها الى مرجعية ثقافية وفكرية للجميع وربما تكون عقدا أجتماعيا مكملا للعلاقة بين مؤسسة العرش والاردنيين حول ما نريد وكيف نريد وما هي الأليات في تحويلها قواعد قانونية وثقافية وسلوكية تستهدف عقل الشباب الأردني على إختلاف أطيافه ، فالأردن قدم نموذجا يحتذى في الإصلاج المتدرج والعلاقة الأمنة بين الدولة كافة الأطياف ، ويحق لنا أن نفتخر بهذه التجربة لا بل تدرس على مستوى العالم لأانها حملت رؤية قائد قريب من شعبه وينبض بهمومهم وقضاياهم وآمالهم وطموحاتهم ومارس الإصلاح بإرادة فرية منبثقة عن قناعاته وفكره وإيمانه بالشباب ، وأنا أدعو الجميع الى إستعادة مفاهيم الحوار ونبذ الخلاف إنطلاقا من هذه الأوراق النقاشية، حيث أثبثث التجارب في دول الجوار صدقية الطرح الملكي ووقع لدى البعض ما حذر منه ولدينا قيادة تمتلك الرؤية والإرادة السياسية للتغيير وتحتاج الى الى مبادرة إيجابية منا جميعا لتلقفها والبناء عليها بعيدا عن التشتيت والتخبط فلنبدأ جميعا بإلتقاط الأشارة الملكية والبناء عليها -والابتعاد عن السلبية كما حصل ببعض التجارب سابقة – بالمبادرة الايجابية مؤسسات وأفراد لنقدم نموذجا يحتذى على مستوى العالم في الحوار البناء والهادف وتأطيره ونتدارك الأخطار المحدقة بنا من كل حدب وصوب و تطرف و ونزعات طائفية أو جهوية أو عرقية فشعبنا واعي وقيادتنا حكيمة ولكن نحتاج الى من يقرع الجرس!! وحفظ الله الأردن والله من وراء القصد