نحو برنامج إصلاح اقتصادي جديد
د. فهد الفانك
06-08-2015 05:25 AM
بعد 27 سنة من التعامل مع صندوق النقد الدولي ، ما زال كثيرون يجهلون أو يتجاهلون طبيعة البرنامج وأهدافه، ويظنون أو يدّعون أنه مفروض من الصندوق.
الحقيقة أن الصندوق تخلى عن فكرة صياغة برامج الإصلاح الاقتصادي للدول التي تحتاج أو تطلب التعاون معه، وأصبح يطالب الحكومات المعنية بأن تقدم هي برنامجها الوطني للإصلاح الاقتصادي، وللصندوق بطبيعة الحال أن يقبله أو يرفض التعاون على أساسه ، أو أن يقترح تعديلات، للحكومة أن تأخذ بها او ترفضها.
هناك فرق جوهري في مجال شروط برنامج الإصلاح الاقتصادي بين الدولة التي تعجز عن تسديد أقساط ديونها وتستنجد بالصندوق لإنقاذها من الإفلاس كحالة اليونان، وتلك التي تستدعي الصندوق اختيارياً لتقديم المساعدة الفنية ، ولكسب المصداقية في نظر المانحين والمستثمرين والدائنين، كحالة الأردن اليوم.
في الحالة الأولى لا بد للدولة المهددة بالإفلاس أن ترضخ لشروط الصندوق والدائنين ، أو أن ترفضها وتتمرد على الدائنين كما حاولت اليونان أن تفعل ثم تراجعت عندما عرفت العواقب الوخيمة والثمن الباهظ.
أما في الحالة الثانية -أي التعاون الاختياري، فإن البرنامج يكون من صنع الحكومة. وليس هناك شروط خارجية أو إملاءات أو تهديد بالعقوبات.
من هنا فلا معنى، في حالة الأردن، لمطالبة الحكومة بوضع برنامج آخر إلى جانب برنامج الصندوق ليتعامل مع قضايا لا يغطيها برنامج الصندوق ، فلم يعد هناك برنامج للصندوق يتم رسمه في واشنطن ، بل برنامج وطني يراه الصندوق مناسباً ومقبولاً ويوافق على متابعته ، وقد يقدم قروضاً سهلة لتسهيل التطبيق بأقل قدر من الضغوط الاجتماعية.
من الخطأ الفادح القول بأن برنامج الصندوق لا يهتم بالتنمية والنمو والعدالة الاجتماعية ولا يكترث لمشكلة البطالة والفقر ، فأهداف البرنامج وإجراءاته تدل على أن هذه القضايا تقـع في قلب البرنامج ، إلى جانب عجز الموازنة ، وضبط المديونية ، والسيطرة على التضخم ، وإصلاح البيئة الجاذبة للاستثمارات الخارجية.
برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي جرى العمل به خلال ثلاث سنوات رسمته الحكومة الأردنية في عام 2012 ، والحكومة الحالية الآن بصدد رسم برنامج إصلاح اقتصادي جديد يأخذ الاعتبارات الاجتماعية بالحسبان.
الرأي