اليوم تحتفل مصر بإنجاز قناة موازية لقناة السويس.. بعد عام كامل على اتخاذ القرار وبدء ادارة القناة ورئاسة أركان سلاح الهندسة بالتنفيذ.
العالم العربي شبه غائب عن هذا الاحتفال لا لأن مصر مقصّرة في دعوات الاخوة، وإنما لأن كل قُطر منشغل بلعق جراحه الداخلية. لكن الاحتفال يجري في ظل شخصيات مصرية ارتبط اسمها باسم قناة السويس: الخديوي سعيد صاحب القرار في القرن التاسع عشر.. ثم ابنه اسماعيل الذي حاول ان يجعل من المشروع العظيم مناسبة لنقل المحروسة – القاهرة إلى مدن أوروبا: بالقصور ودار الأوبرا.. ومغناة عائدة للإيطالي فردي.. ونابليون الثالث واوجيني, وما تبع ذلك من افلاس الدولة وتدخل الاستعمار الأوروبي الفظ باسم الديون تبعه.. الاحتلال.
وقد ارتبط اسم قناة السويس بحكام مصر القادمين من الجيش: جمال عبدالناصر الذي أمّم القناة وجعلها شركة مصرية، وجمال ذاته الذي خسر على ضفافها حرب حزيران فصارت اسرائيل «شريكة» في الضفة الشرقية منها، وانور السادات الذي قاد اجتياز الجيش المصري للقناة، واعادها لمصر بالثمن الباهظ.. بالسلام.
حسني مبارك غاب عن المشهد، وحضر السيسي بقوة، فهو باني القناة الثانية، وهو يستعد لبناء مدن عليها بموازاة الاسماعيلية وبور سعيد، وبور فؤاد، والسويس، لتكون مدن المستقبل الصناعية، متوّجه بالقاهرة الجديدة التي ستكون بين القاهرة القديمة والقناة الجديدة، وستنقذ مصر من عفن البيروقراطية التي قتلت الفكر والابداع، وقتلت الحكم في مصر.
الاخوان المسلمون يشنون حملات على الاحتفال والقناة الجديدة، فقد حضّروا لمجموعة انفجارات واغتيالات كما حضّروا هجمة اعلامية تقلل من اثر المشروع وجدواه.
تماما كالحملات التي شنوها على السد العالي وجمال عبدالناصر، بعد الاحتفال بانتهاء العمل فيه، فقالوا ان الزراعة في مصر ستموت لان الغرين وترابه القادم من افريقيا سيتم حجزه داخل السد، وستحرم ارض مصر من فيضان النيل، وما الى ذلك من ترهات سياسية.
المهم ان الحكم في مصر تنبّه الى ضرورة اقتحام الصحراء بملايين المصريين التسعين، ووقف تفريخهم على الدلتا، وعلى الخط الاخضر الرقيق على ضفتي النيل، فخلق حياة بين القاهرة وقناة السويس هو مخرج مصر من التكدس البشري، وتدمير الارض الخضراء الشحيحة حول النيل.
الحاكم في الوطن العربي يجب ان يخرج من البيروقراطية والتفاصيل الصغيرة ويفكر بافق اوسع، فانا سمعت وزير مالية اردني يشكك في جدوى ميناء العقبة ومشروع بناء المدينة والخط الصحراوي بقوله: ميناؤنا حيفا، وعاشت الوطنية.
الرأي