.. على قدر ما في اذاعة لندن من خفة دم فإنها احيانا تختتم نشرتها بخبر طريف كخبر البارحة عن وجود اذاعة في الارجنتين تبث من مستشفى للامراض العقلية.. وانها اذاعة ناجحة الى حد ان دولاً اوروبية كألمانيا وبلجيكا نقلت نسختها.. لكن مرة واحدة في الشهر.. وليس على الهواء!!.والحقيقة، أن الخبر الطريف استوقفني طويلا، وأنا اشاهد برنامجاً تلفزيونياً على فضائية عاقلة، استمر ساعة من الشتم والتحقير للسعودية ومصر والاردن والامارات، على اعتبار انها دول تتلقى اوامر من كونداليزا رايس، وانها تشكل جبهة معادية لايران وسورية وحماس وحزب الله، وانها تتآمر على القمة العربية المقبلة التي خرجت عن المسار بانعقادها في الرياض (يا للهول) بدل شرم الشيخ!!.

وحالة الجنون والهياج العقلي التي وقعت فيها هذه الفضائية، امتدت لشتم وزراء خارجية مليار مسلم اجتمعوا في باكستان للتشاور في وسائل دعم الجهد العربي في حفاظه على مصير ومصالح فلسطين، والعراق ولبنان، ومنع العدوان على ايران وسورية. وهؤلاء هم وزراء خارجية اندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وتركيا ومصر والسعودية والاردن والامارات. يمثلون - كما قلنا - مليار مسلم!!.

والمهم ان هذه الغضبة المضرية المعادية لاميركا والامبريالية والاستكبار الدولي.. لها سبب واحد هو ان قطر العظمى ليست على قائمة الاخبار الكبيرة في المنطقة؛ فحماس وفتح ذهبا للصلح الى الرياض وليس الى الدوحة، واتفقا على تشكيل حكومة وحدة وطنية بحضور عبدالله بن عبدالعزيز وليس شيخاً آخر.

- والرئيس الايراني ذهب الى الرياض ليبحث أمن المنطقة وابعادها عن حروب مذهبية.. ولم يذهب الى الدوحة.. مع ان عاصمة قطر العظمى كانت تعد نفسها لمحور طهران - دمشق - الدوحة، في مواجهة الرباعية العربية!!.

- والرياض هي الان تعمل بجد في بيروت لوقف التأزيم المفتعل المذهبي والطائفي في لبنان، وهي تعمل بالتنسيق مع ايران، وهذا يدعو الى غيظ الدوحة لأن اميرها ذهب الى بيروت اثناء الحرب.. ولأن وزير خارجيتها انطلق من مطار بن غوريون الى بيروت.. وكان على اللبنانيين ان يبادلوا الوفاء بالوفاء.. ويطلبوا وساطة الدوحة بدل السعودية وايران!!.

- ثم ان الرياض ستكون عاصمة اللقاء العربي في القمة القادمة ثم عاصمة اللقاء الاسلامي بعد ذلك، في حين ان العرب والمسلمين لم يبعثوا برجائهم الحار لشيخ الدوحة للقاء في حماه او في حمى قاعدة السيلية!! ولقد استعانت الفضائية اياها في فصل البارحة بوزير خارجية ليبيا الذي دافع عن غياب المغرب عن اجتماع وزراء الخارجية المسلمين في باكستان.. باعلان تغيب بلده عن القمة العربية.

ونقول للشقيقة قطر العظمى: ان السعودية والاردن ومصر والامارات هي دول عربية تسعى للمصلحة القومية قدر طاقتها.. وأنها بحاجة الى سند ودعم.

وهناك فرق بين قائد تستقبله واشنطن في الكونجرس وتستمع اليه.. وبين قائد تمنعه قوات القاعدة الاميركية المقامة على ارضه من دخولها.. ليستقبل الرئيس بوش الذي لا يريد هذا الاستقبال!!.

.. لا لزوم لاذاعة مستشفى امراض عقلية في الوطن العربي.. فعندنا منها الكثير!.