اسمي فتحي ورقمي العسكري (690323) ...الصنف :- مشاه ..وأخدم في المنطقة الجنوبية ...في إحدى كتائب المشاة الالية ...وتسألني أيها الأخ العزيز عبدالهادي راجي عني وكيف قاومت موجة الحر ؟....سأجيبك .
في كتائب المشاة الاليه , ثمة شيء لايعرفه المدني ..وهو الجاهزية القتالية ...فأنا حين أفيق في الصباح باكرا , وأشرف على طابور الرياضة ...علي فورا أن أنتقل إلى المدرعة التي أقودها والتي نسميها في الأعراف العسكرية (ناقلة جند مدرعة) وهي امريكية الصنع من طراز (برادلي أم 2 إيه) ...وتتسع لسبعة جنود من المشاه مع كامل عتادهم العسكري , وهي مزودة برشاش ..(500 ملم) .
في موجة الحر الأخيرة لم يتغير شيء , مباشرة إنتقلت للمدرعة وشغلتها ..تأكدت من جاهزيتها , وكما تعرف , فإن الرشاشات الثقيلة , تحتاج في أوقات الحر ..لتغطية وحفظ , وأنا بالرغم من أن صنفي سائق مدرعة , إلا أني نفذت على الفور أوامر قائد الكتيبة , وقمت بلف الرشاش ..بغطاء خاص , بعد فكه وتزييته ..حتى لا يتأثر بالغبار ...
كما تعلم أخي العزيز , هذا النوع من المدرعات , لايوجد فيه (مكيف) أو وسائل ترفيه , بل هو مدرع بكميات هائلة من الحديد لأجل صد الطلقات ...وأنا تحملت بكل ما يقتضي الواجب , نار الجو , وحرارة الحديد ...لأننا نوع من الكتائب التي من الممكن أن يأتيها امر وتتحرك فورا للمنطقة الشمالية , وعلينا أن نكون جاهزين ..علينا أن نتحرك في حدود ساعة زمنية ويكون وصولنا في ساعة محددة ..لهذا نحافظ على السلاح ونبقيه في أعلى درجات الجهوزية .
موعد الغداء في الكتيبة محدد بساعة زمنية , وهي الثانية عشرة ..والغداء كان اليوم فاصولياء , وكما تعلم فإن كتائب الميدان لايوجد فيها مكيفات , وبالطبع نحن معتادون ...على الغبار والحر , ومع كل لقمة كنت أقضمها ..أحس بطعم تراب الأرض وطعم الفاصولياء ..وصدقني أن لتراب بلادنا طعما اشهى ..
الغبار ربما غطى الحواجب ورموشنا , ولكن المهم هو محرك الناقلة , فقد تأكدت من سلامته ...تأكدت من عمليات التشحيم , وتأكدت أيضا .. من سلامة الكهرباء وخزان الديزل ..فنحن كتائب غير ثابتة ودائمة التنقل .
لدينا منام لضباط الصف , واخر للضباط , واخر للعسكر ...ولدي بجانب سريري صندوق يسمى (صندوق العهدة) فيه سلاحي ..وبعض مقتنياتي , أنت تعلم أننا حين ننفذ مناورة أو واجبا ..علينا أن نرتدي , معدات القتال ..وهي واقيات وما يسمى في العرف العسكري (جعب ذخيرة) ..وخوذة واقية للرصاص ..ما أرتديه على أكتافي وحول خصري يصل وزنه ل (15) كيلوا غرام ...ناهيك عن وزن الذخيرة والأشياء الأخرى ...
الحر مر عابرا , نحن معتادون عليه أيها الأخ العزيز ..وصدقني أننا أحيانا نؤمن أن الإصابة , بضربة شمس أهون من تعطل ناقلة جند ...صدقني أننا نقدم سلامة السلاح على سلامة النفس ...
أعرف أن عمان وباقي مدن المملكة تأثرت في الحر , فقد سمعت حديث الضباط أمس مع قائد الكتيبة , حين دخلت عليهم ...وأبلغت القائد بأننا قمنا بتأمين الرشاشات الثقيلة , وتغطيتها وتزييتها ...
نحن لا يقهرنا الحر ولا البرد ..نحب الله والبلد والملك ...وإطمئن أخي العزيز أن إرادتنا سالمة وبخير , والجيش قدر نؤمن به ..وأنا الان , كما سمعت من ضابط الأركان ..أنتظر أمرا ..يقضي بنقل الكتيبة , ونحن نجهز أنفسنا للإنتقال مع كامل معداتنا ....وتأكد أننا سنحميكم جميعا ...
كن على ثقة , أننا سنتحمل الحر لأجلكم , حتى حرارة الناقلة , ووزن الرشاش ..وثقل التجهيزات الفردية , كل شيء سنتحمله لأجل أن نحميكم ...
سنحميكم .
المرسل :- الرقيب فتحي
الصنف :- مشاه ِ- سائق ناقلة طراز (برادلي) ..مدرعة
الرقم العسكري :- 690323
"الراي"