إن لم يستقبل الأردنيون أشقاءهم السوريين كما كانوا استقبلوا أشقاءهم العراقيين وأشقاءهم الفلسطينيين فمن أولى باستقبالهم؟؟ حيث أصبح هناك في مخيمات اللجوء في تركيا أكثر من مليوني سوري وهذا ينطبق على لبنان وحقيقة أن الأردن, رغم ظروفه الاقتصادية التي هي في غاية الصعوبة, هو الأولى باستضافة هؤلاء الأشقاء لأسباب كلها وجيهة أولها أنَّ المملكة الأردنية الهاشمية هي امتداد للثورة العربية الكبرى وأنها قامت أساساً وفقاً للمبادئ التي أعلنتها هذه الثورة العظيمة.
ثم وإن الأردنيين يختلفون عن غيرهم من الأشقاء العرب بالنسبة إلى سوريا وشعبها العظيم في أنهم يُعتبرون إنْ ليس كلهم فمعظمهم «حوارنة» وإن أسماء العديد من العائلات الكركية والسلطية والزرقاوية والمأدبية والإربدية والمفرقية والجرشية والعجلونية هي أسماء شامية وحمصية وحموية وحلبية وديرية وماردينية ولاذقانية.
إن هذا الشعب كما هو الشعب الفلسطيني هو الأقرب إلينا ويقيناً أنه لو لم تكن هناك مؤامرة وجريمة «سايكس – بيكو» لكانت هناك دولة عربية عظيمة في هذه المنطقة تضم سوريا الكبرى وتضم الهلال الخصيب كله ولكانت هذه الدولة غنية ومقتدرة ومتقدمة وجاذبة وليست طاردة وتحتل مكانة رئيسية في الوطن العربي وفي هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها وفي العالم بأسره.
لو عدنا إلى بدايات تأسيس دولتنا المملكة الأردنية الهاشمية لوجدنا أن «الاستقلاليين» كانوا لبنات رئيسية في «مداميكها» الأساسية الاولى ولوجدنا أن الوجود «الشامي» في عمان وإربد والسلط وجرش و»الفديْن» والكرك يعود إلى زمن الأمويين وقبل ذلك ولوجدنا أن هذه الديار كانت ملاذ كل الذين أشتد عليهم ظلم المستعمر أيام الانتداب الفرنسي وكل الذين لوحقوا وطوردوا في عهود القمع والظلام اللاحقة.
إن حقَّ الأخ على أخيه يصبح واجباً مقدساً في وقت العسرة ففي الشدة تظهر المواقف الأخوية الصادقة أمَّا في أيام الرخاء واليسر والسعة فإنَّ الخيارات تكون مريحة وأن «تكشيرة» الأخ في وجه لا تكون مكلفة وحقيقة, وهذا يعرفه القاصي والداني, أن الأردنيين لم يغلقوا أبوابهم في وجه الأشقاء عندما يقصدونهم وأنهم لم يكشروا في وجوه أشقاء قصدوهم لا أيام يسرٍ ولا في أيام عسرة.
إن الأردنيين الذين يرتبط الكثيرون منهم بصلات خؤولة وعمومة وحسب ونسبٍ بالشام وحلب وحمص وحماه واللاذقية ودرعا يعرفون أنه لا بد من سوريا بالنسبة لأشقائنا السوريين وإن طال الغياب فهذه الغمامة السوداء الثقيلة ستزول حتماً وسيأتي اليوم الوضاح الذي ستتفتح فيه زهور حوران وسهل الغاب وكسب ودير الزور والرقة لا محالة وعندها فإن أبناء وأحفاد هؤلاء الأخوة الذين يعيشون بيننا الآن سيبقوا يتداولون ذكريات آبائهم وأجدادهم عن هذه البلاد الطيبة وعن أهلها الكرماء.. عن العرب الأصلاء الذين سيبقون عرباً إلى يوم القيامة.
الرأي