تزايدت في الأردن ظاهرة الإقبال على شراء واستخدام الدراجات النارية٬ واللّافت بأنها لا تميّز قئةً عمرية عن غيرها ٬بل أصبحت مرغوبة من الجميع صغيراً أم كبيراً في السّن كان, إضافة الى مظهرها الجميل و المغري باقتنائها و شرائها ,لكن ليس كل ما يلمَع ذهباً ,حسب ما أفادته الدراسات بأن الدراجات تتعدى نسبة خطورة قيادتها أكثر بعشرين مرة من المركبة العادية ,و بأن ركاب الدراجات النارية معرضون للموت في كل كيلومتر يقطعونه,حيث أشار تقرير لنادي الدراجات الملكي بأن حوادث هذا النوع من وسائل النقل تكون معظمها للأسف قاتلة .تنحصر أسباب خطورة قيادة تلك الدراجات تحت ظل غياب سائقيها عن ارتدائهم للملابس الواقية بالإضافة الى الخوذة وهي الأهم, و عدم الالتزام بقوانين السّير و الطرقات لا متغاضين عن السرعة المفرَطة و التهوّر أثناء القيادة و التباهي الزائد بعرض مشاهد للمارّة من الناس والتي قد تؤدي إلى فقدان سيطرتهم على تلك الدراجة بلحظات, فترى حياة ذلك الانسان قد ذهبت سدىً وعلى غفلة من أمره .
واجهت قيادة الدراجات النارية إنتقاداً لاذعاً شديد اللهجة مؤخراً من قبل المواطنين و الصّحافة الأردنية, فتحرّيتُ عن الموضوع أكثر فأكثر,و قرأت الكثير من الملاحظات و التعليقات المُهاجمَة لسائقي تلك الدراجات, شعرت و كأنهم جاؤوا من كوكب آخر بالفعل ,و الكثير من معلومات أولئك المنتَقدين لا تمت لصحّة الخبر ولا للدّقة بصلة, فينتقدون ظاهرة تأجير الدراجات على طريق البحر الميت,لكن في حقيقة الأمر لا يوجد شيء في الأردن يسمى بـ "تأجير الدراجات" فالمتاجر الذين يتحدثون عنها هي وكالات عالميّة لبيع الدراجات فقط ولا شيء غير البيع,يقولون بأن ملاّكي تلك الدراجات هم فقط من أصحاب الذّوات في البلد, فهذه أيضا معلومة خاطئة, لو تمعنّا بتركيز لرأينا بأن سائقي و مالكي الدراجات النارية قد شكلوا مؤخراً فئةً كبيرةً من مجتمعنا ومنهم من موظّفي الدخل المحدود, ببساطة أكثر, يستطيعون استبدال سياراتهم بالدراجات المتوسطة أو الخفيفة والتي تتراوح أسعارها ما بين ثلاثة آلاف فما فوق ,يَصفون تجمعاتهم و قيادتهم بالرالي و العشوائية و تحويل الطرقات و الشوارع الرئيسية الى سباقات عالمية فيما بينهم , أقول لهم بأنني لا أنكر بعضاً من تصرفات القليلين الفردية و المتباهية و الطائشة والتي أنا شخصياً لم أرَ أيّاً من تلك الظواهر السلبية التي يتحدثون عنها ,وهذا ممكن لمَحض الصّدفة لا أكثر ,بالعكس تماماً, فمن خلال مدة تواجدي في عمان, كنت أرى تلك المجموعات منظمة ,متجانسة,متناسقة فيما بينها, هادئة و جميلة كأنغام موسيقى فريدة من نوعها, متناوبَة العزف و مكمّلة لبعضها البعض ,والتي بدورها تسير تحت ضوابط و قوانين لضمان سلامة السائقين والمارّة و مستخدمي الطريق معاً و بنفس الوقت , موجَّهينَ من قائد مجموعة يسير في المقدّمة و الذي بدوره قد خضع لتدريبات السلامة العامة للجميع.
" كلّ جديد إلو رنّة " الدراجات النارية تشكل ظاهرة جديدة في الأردن وما هي إلا مسألة وقت فقط وسوف تُطيح بأذهاننا ظاهرةً أخرى, فتراها جديدة على مُمَارسيها وسائقيها أنفسهم , جديدة على المواطن الاردني أيضا , فما تزال ثقافة الدراجات لديهم محدودة و مثيرة للإنتباه بشكل كبير ,حتى في أثناء قيادتهم لمركباتهم, تتشتت أذهانًهم لمجرد رؤيتهم لتلك الدراجة مما يسبب الإرباك للطرفين,وبالتالي إرباك حالة السير كافة في ذلك الشارع,وانني لأقترح على وسائل الاعلام بتكثيف الحملات الترويجية المختصّة بقيادة الدراجات النارية في الأردن بهدف التعريف بها وزيادة ثقافة المواطن الأردني بتلك الهواية أو الرياضة أن أصحَحتُ القول. ولنعلم جميعاً بأن من أهم أسباب منع امتلاك وقيادة الدراجات النارية في المملكة سابقاً هو استخدامها لغير الأغراض المرخصة لها قانونياً, لكن إن نظرنا للناحية المقابلة من الأمر لرأينا بأن معظم سائقي الدراجات النارية يعكسون صورة ايجابية مسالمة للمجتمع كافة ,فلنحافظ جميعاً على هذه الصورة المشرقة الجميلة,ولنعطي كل موضوع حجمه, ولا نبالغ في ردات الفعل و تضخيم الأمور,و بدوري أتمنى السلامة للجميع.
فرح ابراهيم العبدالات