إلى وزير الصحة: لا تكن أنت والسرطان على الشعب
13-05-2008 03:00 AM
نحن الشعوب العربية شعوب عاطفية لكن لا أدري الحكومات من أي جنسية هي! فرغم الفقر و الجوع و العوز لا يمكننا الا ان نتجاوب مع وسائل الإعلام و الاتصال حينما نرى طفلا يحمل فانوس رمضان و لا شعر يكسو رأسه نتيجة إصابته بمرض السرطان.
نسارع في الحال و نمد أيدينا إلى جيوبنا دون تردد حتى نرضي ضميرنا بعد رسائل وسائل الإعلام التي تضعنا أمام المسؤولية التي نشعر بها اتجاه المحتاجين للعون؛ فالقائمون على تصميم هكذا رسائل هم الأقدر على معرفة ما يحرك مشاعرنا من كلمات استجداء و عطف تجعلنا نبكي دما إن لم نجد ما نمنحه لذلك الصوت الحنون، ناهيك عن رسائل الجوال التي تستأذنك بدينار أو أكثر لمساعدة مصاب بمرض خبيث.
و طرق جمع التبرعات كثيرة لا مجال لحصرها الآن و لكن ما يهمني توضيح أمر في غاية الأهمية بعدما أصدرت الحكومة تعليمات خاصة الشهر الماضي تقضي بإيقاف علاج الحالات الطارئة في مركز الحسين للسرطان بالإضافة إلى تحويل المؤمنين في وزارة الصحة من المصابين بمرض السرطان لتلقي العلاج في مستشفى البشير، و تحويل المرضى المؤمنين صحيا في القوات المسلحة لتلقي العلاج في الخدمات الطبية الملكية، ورغم أن القرار استثنى المحولين على نفقة الديوان قبل صدور القرار الأخير إلا أن الحكومة تشترط مطالب تعجيزية من المرضى للحصول على إعفاء من وحدة شؤون المرضى التابع للديوان الملكي ورغم معرفة الجميع بان مركز الحسين هو المركز المتخصص الوحيد القادر على التعامل مع هذه الشريحة المبتلاة من أبناء الوطن إلا أن التعليمات التي أصدرها وزير الصحة في 2/4/2008 تقضي بإيقاف إرسال كتب التجديد إلى الديوان الملكي أو إصدار استشارات جديدة للمرضى الموجودين في المستشفى وتضمنت التعليمات الجديدة أيضا على التوقف عن معالجة أي حالة طارئة إلا بعد دفع قيمة العلاجات وذلك لغير الحاصلين على إعفاء أو للذين انتهت مدة إعفائهم.
إضافة لذلك فرضت على المريض أن يراجع بنفسه وحدة إعفاء المرضى غير المؤمنين ولو كان على حمالة أو كرسي متحرك والتوقف عن التجديد من خلال الموظف المعين في المركز لهذه الغاية.
مركز الحسين للسرطان المركز الحائز على شهادة JCI وهي من ارفع الشهادات الطبية وكذلك الحائز على شهادة أفضل مستشفى باختصاص الأمراض في المنطقة أنشئ لتضميد جراح أبناء الأردن أولا فإلى ما آل أمره و أمر أبناء هذا الوطن إذا ما أصاب أحدهم مرض السرطان! و حسب إحصاءات رسمية أن أمراض السرطان كانت السبب وراء وفاة 4,13 من مجموع الوفيات حسب دراسة أجرتها مديرية رقابة الأمراض في وزارة الصحة الأردنية للعام 2007.
معاناة المرضى تبدأ عند مراجعة وحدة إعفاء المرضى و بعدها يتم تحويله إلى دائرة الأراضي و المساحة لجلب كشف أملاك و بعد التحقق من امتلاك احدهم لقطعة أرض أو منزل يتم حرمانه من الإعفاء (العلاج المجاني) أما في السابق فقد كانت إمكانية العلاج متاحة لكل من يحمل رقما وطنيا؛ و رغم آلام المرضى فقد كان الرقم الوطني يزيد من شعورهم و ذويهم بانتمائهم لهذا الوطن المعطاء.
و هنا لن اتساءل عن دوافع هذه التعليمات لأنني أعي الرد جيدا و أقلها لضمان إيصال الخدمة لمستحقيها وإلغاء الازدواجية في التأمينات الصحية، إلى جانب ضبط الإنفاق وضمان توجيه الدعم للفئات الأكثر استحقاقا و تخفيف الاكتظاظ في المركز.
و لكن الجواب الأكثر دقة و إقناعا هو أن التعليمات جاءت لترسيخ منظومة الديجيتال حتى على أسرة الموت فلا رحمة مع لغة الأرقام مع أن الرقم الوطني كان كفيلا بحفظ حياة و كرامة أبناء هذا الوطن إلا أن الأسرّة لا بد من أن تشغلها تلك الفئات المقتدرة مالياً و الأجانب أحق بهذه الخدمات و الرعاية وهذا يخالف الأهداف الإنسانية التي أقيم المركز من أجلها ولا سيما أن المركز تأسس بمساندة أموال جمعها أفراد الشعب من قوتهم و دمهم و هم أولى بتجنيد خدمات المركز من غيرهم و في هذا الصدد لا نوجه كلمات استرحام أو استجداء للتراجع عن هذه التعليمات و إنما نطالب بعودة الأمور إلى سابق عهدها فلهذا نحن كنا نستثمر من أموالنا لتكن عونا لنا إن أصاب أحدنا مكروه و لنفس السبب ندعم مشاريع الخير و العلم و الخدمات.
هؤلاء المرضى مواطنون أردنيون يا معالي الوزير من حقهم أن يتلقوا الرعاية التي يستحقون فهم سكان أصليون و بدونهم ستخلو الديار من قاطنيها.