في البيت ..كيسُ قماشِ محشو بـ «لوِّ» أخضر وجرة «ليت»..في البيت موتٌ لم يصافح «مقبض البكاء» او يستأذنه...في البيت بقايا صيف فلسطيني ،تشرق الشمس فيه من وهج القبّة وتغرب مثل الحمامة في المئذنة...
**
فجر الجمعة ..فجر «الدمعة»..كان عليّ غافياً على سرير الحلم..عتمة الغرفة حارس ليلي على جفنه المسالم...تتحرك شفتاه لابتسامةٍ طائشةٍ ، أو لغزال كان يرعى من عشب الرمش..»الخشخيشة» هي خلخال الغزال...كلما تحرّك الظبي..أو تعرّق ..اصدرت صوتاً على السرير، وكلما عطش الظبي من قيظ الحلم ارتوى من شفة الصغير...
فجر الجمعة...فجر «الدمعة» وحسب التوقيت المحليّ لمدينة نابلس...كان سد الستارة يدلق شلال الضوء على عينيه المطبقتين كحرفين أبجديين ...كان عليّ ينتظر «رضعة الحليب»...ينتظر جديلة أمه تلامس صدره كسماعة الطبيب.....لكن في فجر الجمعة ..»فجر الدمعة»..تسللت الجرذ إلى النوافذ الناعسة ...رجّت النار جيداً في زجاجة الانتقام...وأهدوه رضعة اللهيب...
**
علي الدوابشة...اسم نكتبه من جديد على دفتر الزمن...الحبر الموجوع لا يجف أبدا مثل دم الشهيد على الكفن...الحبر الموجوع يبقى نازفا عازفاً كلما رُدّدَ نشيج الوطن..
في دفتري كتبت عن عشرات الشهداء ، لا زالت روائح أجسادهم تفوح مثل الورد المجفف بين الصفحات...أسطر بالدم الهامش..اكتب الاسم وتاريخ الوفاة ...وماذا بعد؟؟؟...تبقى أشياؤهم تطرق باب ذاكرتي كطرق المستسقيين على الأواني..
كيف نكفّن «علياَ» بالكلمات ونصف أصابعه محروقة ونصف جسده «كدمات»..كيف نكفّن عليّاً بــ»طقم العيد» المطرز بالياسمين.. وهو الفَرِحُ كيف استقبلت الأرض قدميه بحفاوة المتزاحمين...على دفتر الزمن ، تحت السطر فوق الصبر..على الهامش ربما تتسع المساحة لكتابة تاريخ الوفاة لكنها لا تتسع لفاجعتها...
**
يا رضيع النار..يا فقيد الدار.. قَدَرُ فؤادك ان تنضجه نيران العواصم ... فرقم الطوارىء موحّدٌ ...لكنها تعدّدت «المقاسم»...
يا رضيع النار..يا فقيد الدار اقفز بموتك عن ذلنا المراق....
فقلبك كتيبة مقاومة...وقلب المقاوم مثل «الكستناء» لا ينضجه الا الاحتراق...
الراي