المساعدات والمنح الخارجية لا تكون إلا مشروطة، فالدول المانحة لا تلقي أموالها في الشار ، بل لتحقق أهدافاً معينة. بعضها حميد يجب الترحيب به وبعضها مشبوه يستوجب الدراسة والتقييم.
المهم هو توعية هذه الشروط سواء كانت صريحة أو ضمنية، وما إذا كانت تمس سيادة البلد واستقلاله أم مجرد تحديد أوجه الصرف على مشاريع محددة.
الأردن يعتمد كثيراً على المنح والمساعدات الخارجية كمصدر لتمويل الموازنة العامة ، ويمكن النظر إلى الشروط المرافقة للمنح المالية من زاويتي نظر:
الشروط الضمنية لا تأتي لتغيير سلوك سياسي معين بل لتثبيته ومكافأته، ومن ذلك دور الأردن في المحافظة على السلام والاستقرار في المنطقة والانفتاح على اللاجئين ، وهي بطبيعة الحال شروط مقبولة لا تغير سلوك الأردن بل تؤكد هذا السلوك وتكافئه.
الشـروط الصريحة تكون معلنة ، ويجري تضمينها في إتفاقيات ولا ينكرها أحد ، مثل تحديد أوجه صرف المبلغ المدفوع. وأبرز مثال على ذلك المنحة الخليجية بمبلغ مليار دولار سنوياً لمدة خمس سنوات ، شريطة استخدامها حصراً لتمويل مشاريع توافق عليها الدول المانحة سلفاً ، وتصرف أولاً بأول مع تقدم العمل في التنفيذ.
مثل هذه الشروط موجودة في معظم المساعدات الاقتصادية ، فهناك مساعدات لتمويل مشاريع ماء أو طاقة أو جامعة أو سد أو مدارس أو مستشفيات، ومن الممكن أن تكون مشروطة بقيام اصلاحات محددة كإعادة هيكلة قطاع اقتصادي معين كالتعليم أو الصحة، أو صدور قوانين وأنظمة تخص تمكين المرأة والديمقراطية.
الأردن يعتمد بكثافة على المساعدات الخارجية لتمويل موازنته الضخمة، ولكنه لا يجد نفسه مضطراً للقيام بدور لا يريد القيام به.
المساعدات الاقتصادية المشروطة تذهب لأفضل الاستعمالات، وإذا استعرضنا المشاريع الرأسمالية الممولة بالمساعدات المشروطة فسنجد أنها الأفضل والأكثر جدوى وأولوية.
ينطبق ذلك على الشروط التي (يفرضها) صندوق النقد الدولي للقيام بإصلاحات جوهرية تتردد الحكومات في الاخذ بها ، وكلها من النوع الذي كان يجب أن نفرضه على أنفسنا قبل أن ُيفرض علينا.
عدد كبير من الدول يقدم للأردن مساعدات مالية سخية دون أن يكون وراءها أهداف سياسية كاليابان وألمانيا ، وبعضها الآخر تستحق شروطه الدراسة والحذر.
الرأي