النماذج المشعة والنهوض القومي
طارق مصاروة
31-07-2015 05:20 AM
قد تكون «دار الحكمة» هي المؤسسة الأولى التي تستجيب لنداء الملك في الاعتماد على العقل والخلق في تطوير البلد، ورفعه من وهدة الفقر والبطالة والجهل والمرض الى المستوى العالمي الذي وصلت اليه منذ زمن.. «دار الحكمة» الأم الشرعية لصناعة الدواء في الوطن العربي، وعزّزته بسيطرتها على أحد أكبر المختبرات الأميركية بما يوازي مليارين ونصف المليار دولار.
لم يتجمع مؤسسو ومديرو دار الحكمة على ساحة المسجد الحسيني ليجمعوا مظاهرات أسبوعية «تطالب» بالقضاء على الفقر والبطالة. ولم يعقهم الفساد والمتاجرة فيه عن النهوض بصناعة الدواء من مصنع متواضع في عمان إلى مصانع في أوروبا وأميركا.. قائمة على آلاف الأردنيين من الكيميائيين، والماليين، وأصحاب الرؤية الثاقبة.
أمس تابعنا «نقاشاً» مكتوباً في قضايا الطاقة التي أفلست الدولة أو كادت فلاحظنا أن «أهل المعرفة» لم يرصدوا إلا «فشل الدولة» في اكتشاف النفط، وفي تعاملها مع الصخر الزيتي، والغاز، وهم يعرفون البئر وغطاه. فصناعة الطاقة تحتاج إلى مليارات لا تملكها الحكومات، ولا شعبنا قادر على توفيرها. ويكفي أن نعرف أن هبوط أسعار برميل الخام.. أوقف الاستثمار حتى في بلد كالولايات المتحدة. وحرق الصخر الزيتي لتوليد الكهرباء يكلف المليارات من الدنانير.. فكيف تموّل أية حكومة ديون الطاقة (4 مليار دينار) والاستثمار بالمليارات في البدائل، أو في التنقيب عن النفط و»توسيع» حقل حمزة وإدامة انتاجه المتواضع من النفط والغاز؟!.
إن طموح القائد في رفع الأردن إلى مستوى الدول المتقدمة، لا يعتمد على الرأسمال العالي الذي لا نملكه.. وإنما على وطنية الأردنيين، وعقولهم وسواعدهم، وثقتهم بأنهم.. قادرون. وعلى المستوى الفردي، واينما تذهب في هذا العالم الواسع تلتقي بأردنيين صنعوا أنفسهم، وتميزوا في مجتمعات مختلفة، لكنهم نجحوا كأفراد، ولو أتيح لهم الظرف أن يجدوا في وطنهم ما وجدوه في عالم الاغتراب.. لحملوا بلدهم وصار نجاحهم كنجاح دار الحكمة.
حين نؤمن بعقول الأردنيين، وقدرتهم على الإبداع نبدأ بالتفكير في الأشياء العظيمة، ونتجاوز الواقع المتخلف الذي ورثناه من الظلم التاريخي العثماني وظلم الاستعمار الأوروبي. ولا ينفع أن نهدم بلدنا بشعارات الخبز والفساد والبطالة والفقر، كما هدمها جيراننا الباحثون عن الديمقراطية، والعدالة والعيش بالجلوس في الشارع، وترويع الناس، وقتل رجال الجيش والأمن، وتلويث سمعة الوطن.
العقل والخلق الوطني هما المؤسستان التي قامت عليهما نهضات الشعوب،.. فتوحدت، وتحالف أبناؤها الطيبون على اقامة أوطان قوية.. وصارت ألمانيا هي ألمانيا التي نعرف بنهوضها من رماد الحربين، وصارت فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وصارت ماليزيا واليابان.. فلا حدود لعظمة النهوض القومي. أما تدمير الذات فلم يحدث أن انتهى إلى شيء.. وهذا ما نراه كل يوم على شاشات التلفزيون.. وفي وجوه مئات الآلاف من اخواننا الهاربين بأرواحهم إلى.. وطن الأمن والأمان.
الرأي