الركود الاقتصادي دائم أم مؤقت؟
د. فهد الفانك
31-07-2015 05:06 AM
إلى ما قبل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي انفجرت في 2008 كان معدل النمو الاقتصادي العالمي يتراوح حول 5% وكان النمو الاقتصادي في الأردن يتراوح حول 7% ولكن الاقتصاد العالمي والمحلي لم يستطع حتى الآن استرداد الاتجاهات السابقة ، مما جعل بعض المحللين يعتقدون أن الهبوط الحالي له طبيعة دائمة وإن ما كان يسمى ركوداً سيصبح بعد الآن هو الوضع الطبيعي.
صندوق النقد الدولي متهم عادة بالتفاؤل ، فهو يعطي تقديرات وتوقعات إيجابية ثم يضطر لمراجعة تقديراته وتخفيضها عندما يلاحظ أن الركود الاقتصادي أصبح متمترساً وليس ظاهرة عابرة أو مرحلة يتبعها الانتعاش فالازدهار كما كانت تقول كتب الاقتصاد وهي تصف الدورة التجارية.
هذه الحالة جعلت المخططين وصناع القرار الاقتصادي اكثر واقعية وتحفظاً في تقديرات النمو المستقبلي. خطاب الموازنة العامة مثلاً ذهب في التفاؤل إلى حده الأقصى عندما قدر النمو الاقتصادي هذه السنة بحوالي 4%.
وزارة التخطيط تضع ألان اللمسات الأخيرة على صيغة الرؤية الاقتصادية للسنوات العشر القادمة ، وليس من المعروف ما هو الرقم الذي سوف تستهدفه في مجال النمو ، ولكن ليس من المؤكد أن يصل النمو الاقتصادي إلى معدل سنوي 5% أو أكثر حتى قبل أن نأخذ بالاعتبار أن السنوات العشر القادمة حبلى بالتطورات والمفاجآت.
انخفاض معدل النمو الاقتصادي ، وما يرافقه من انخفاض معدل التضخم إلى مستويات سلبية يعني تغييراً جوهرياً في السلوك العام ، فقد انتهى عصر المكاسب والابتزاز للحصول على مغانم مستحقة أو غير مستحقة. وعلى أصحاب المرتبات أن لا يتوقعوا زيادات مجزية ، كما أن على رجال الأعمال والمستثمرين أن لا يتوقعوا أرباحاً عالية ، ذلك أن كعكة الاقتصاد الوطني التي يقتسمها الجميع بنسب مختلفة لن تكبر كثيراً ، ولا تكاد تسبق النمو السكاني، مما يعني أن أي زيادة غير مستحقة لدخول بعض الفئات لا بد أن تكون على حساب انخفاض في دخول فئات أخرى أقل حظاً وأقل قدرة على المنافسة.
البطء في التراكم والنمو الاقتصادي في المستقبل المنظور لن يكون نتيجة سوء إدارة الاقتصاد بقدر ما هو تغير هيكلي في بنيته.
الإدارة الحصيفة للاقتصاد الوطني تبقى في غاية الأهمية ، ليس لصنع المعجزات بل لتجنب النكسات.
الرأي