بين عمان وابو ظبي والناصرة!
حلمي الأسمر
31-07-2015 05:04 AM
-1-
العودة من الإجازة، يصحبها شعور طاغ بالشوق للقاء الأحبة من القراء الذين انقطع التواصل معهم، عبر هذه الزاوية الأثيرة، وهو شوق أكبر للتنفس من خلال هذه الرئة، فالحرمان من الكتابة، طوعا أو كرها، هو بشكل أو بآخر حرمان من التنفس، يصاحبه بالطبع شعور بالاختناق، وها أنذا أعود لانتظام التنفس، وأنا أعد حقائبي للعودة إلى عمان الحبيبة، المدينة التي تسافر معك، حيثما حللت، كما «الغربة» التي قلت فيها يوما:
الغربة.. تسافر معك في حقيبة السفر؛ إن لم تكن وجهتك، ذلك الشاطىء الموحش بدونك، و قصة «ذلك الشاطئ» ما انفكت تلح عليك، في حلك وترحالك، حيث يسافر فيّ هو الآخر، منذ زمن سحيق، حتى أنه فرض علي عادات متكررة، حيثما كنت، فالمكان الذي لا يمكن أن تفوتني زيارته؛ في أي مدينة ساحلية ازورها: سوق السمك، ليس حبا بالأكل البحري فقط، بل بحثا عن بحر يسكنني؛ ويتنقل معي كحقيبة سفر، إنه بحري؛ بحر يافا، والغريب هنا، أن ثمة من يعتقد أن هذا البحر لن يعود، أو لن نعود إليه، بل إن مجرد إثارة الحديث عنه، تجلب سخرية هذا البعض، باعتباره جزءا من أضغاث الأحلام، التي تراود المسكون بالوهم، وما أحسب هذا الظن، إلا ظن أولاد يعقوب بأبيهم، حينما ألقوا عليه قميص يوسف، فأمِل أن يراه مجددا، فقالوا قولتهم التي سجلها القرآن الكريم: «وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ * فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ!!
ومن غريب، أنني حين كتبت عن سوق السمك، وأنا أزوره في مدينة «أبو ظبي» الجميلة، التي تضج بالحداثة والحيوية والحياة، بادرني أحد القابضين على جمر الصمود، على ضفاف ذلك البحر، وهو ابن الناصرة الصديق برهوم جرايسي، فكتب معلقا على صفحتي على فيسبوك قائلا: وإن طال الزمن.. وإن كثر البارعون في ابتكار الاحباط.. وإن اغرقوا شارعنا بنعيق المتخاذلين... فلا يمكن الا وتعود يافا الى اصحابها، لأن هذه هي قوانين التاريخ وتجاربه... يا عزيزي ابو الحكيم، وما فتىء هذا الفتى النصراوي الجميل يبشر بالخلاص والعودة، وهو الصحفي المخضرم، الذي يعيش بين ظهراني «دولة» الاحتلال، ويعرفها أكثر منا جميعا، ليس انطلاقا من مشاعر ذرائعية عابرة، أو أمانيّ عبثية، بل عن علم ويقين من يعرف «ماذا يجري حقا» ومن أجواء ما يبشر به صديقي أبو ورد، اقتبس هذه العبارة، من صفحته على فيسبوك، المليئة بالمبشرات الواقعية، التي لا تستند على الوهم: أن إسرائيل كيان مافيا هذه ليست شتيمة، بل حقيقة فاقرأوا:
قال تقرير لمجلة ذي ماركر إن ثروة أكبر 500 ثري في إسرائيل بلغت 122 مليار دولار، يضاف اليها ثريان مجنّسان حديثا مع 18 مليار دولار.
أجريت حسابا فوجدت:
1- اجمالي ثروة الأثرياء الـ 500 ارتفعت خلال 12 عاما بنسبة 330%
2- معدل الأجور العام خلال 12 عاما ارتفع بنسبة 33% بالضبط
3- الحد الأدنى من الأجر ارتفع في نفس الفترة بنسبة 21% بما فيها الزيادة الأخيرة
4- القسم الأكبر من ثروات كبار الكبار وهم أساس الثروة (35 شخصا) موجودة في البورصة.
5- كل واحد منكم يجري اتصالا مع مكتب التأمينات إذا كان صندوق التقاعد وفق النمط الجديد (تأمين مدراء)، ليسأل عن حجم التوفيرات في صندوق التعويضات وحدها.
6- سيكتشف أنه بعيد جدا عن أن يكون بمعدل راتب عن كل سنة عمل.
7- الفارق الذي سنفتقده من جيوبنا، موجود في جيوب حيتان المال هؤلاء.
إسرائيل كيان مافيا، سياسيا واقتصاديا، والواحد يكمل الآخر...
فكركم رايحة تطوّل إسرائيل هون؟؟؟
وأقول، كما تقول يا صديقي، لا «مش مطولة» وإني لآمل أن أرى انهيارها قبل أن يواريني التراب!
-2-
خارج النص:
أ- كم أنت محظوظ لأن الحظ يدير لك ظهره!
هكذا هتفت ذات يوم، بعد أن رأيت بعض من يعتقدون أنهم من «المحظوظين» وما يتمتعون به من «خيرات» سلبوها من أصحابها!
ب- المنشغلون بإدارة «أحقادهم» كالحساد؛ تحرقهم نار حسدهم؛ وفق قانون: والنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله!
ج- ليس عليك أن تموت كي تعرف كيف تموت؛ لكن عليك أن تحب ... كي تعرف كيف تحب!
الدستور