الحماية الاجتماعية للمغتربين الأردنيين
د.عبدالله القضاة
30-07-2015 12:46 PM
الحماية الإجتماعية مفهوم يعنى بتأمين حياة كريمة للمواطن، من خلال تكافل وطني بين جميع الأطراف: الحكومة، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والافراد، على تحقيق هدف الحماية الاجتماعية وذلك وفق خطة وطنية شاملة، والتى تتكون من حزمة سياسات متكاملة ومتشابكة فى مجالات: الصحة، والضمان الاجتماعي، والتقاعد، والتعليم، وتوفير الخدمات الأساسية لتطوير مستوى المعيشة، وضمان تكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين بدون تمييز سواء أكانوا داخل الوطن أو خارجه.
لقد فتح مؤتمر "الأردنيين في الخارج" الذي نظمته وزارة الخارجية وشؤون المغتربين تحت الرعاية الملكية السامية في الفترة (28-30 تموز 2015)، الباب على مصراعية لسماع صوت المغتربين الأردنيين في كل مايتعلق بشؤونهم ومن كافة مسؤولي الدولة بكل شفافية ووضوح وبمتابعة حثيثة على أعلى المستويات في المملكة.
ومن المسائل الجوهرية التي تابعتها بشكل حثيث مع الإخوة العاملين في الخارج موضوع الحماية الإجتماعية، والتي لاقت تجاوبا مبدئيا من دولة رئيس الوزراء وأصحاب المعالي والعطوفة المعنيين، وسأتناول بعجالة محاور هذا الموضوع والمقترحات التي أقدمها لأصحاب القرار لتشكل منطلقا لعمليات التحسين والتطوير التي تلبي إحتياجات مواطنينا في غربتهم.
أولا : الضمان الإجتماعي والتقاعد المدني، العديد من موظفي الحكومة المشمولين في مظلة التقاعد المدني ومجازين للعمل خارج البلاد لاتسمح لهم التشريعات بالشمول بشكل إختياري بمظلة الضمان الاجتماعي، ووجهة نظر الضمان أن هذه الشريحة مشمولة في التقاعد المدني في حال حدوث الوفاة، غير أن هذه الشريحة لايقتطع منها مبالغ مالية لصندوق التقاعد، ومعظم الأصوات ضمن هذه الشريحة تطالب بالسماح بشمولها بمظلة الضمان الاجتماعي.
من جهة اخرى فإن غير المشمولين بالتقاعد المدني يرغبون بالانتساب للضمان الاجتماعي بأجور أعلى من الأجور المقررة بتشريعات الضمان الاجتماعي الأخيرة، إضافة الى أن العديد من المغتربين يجهلون حقيقة أن الحكومة الأردنية ضامنة لحقوقهم الواردة في قانون الضمان الإجتماعي بغض النظر عن المركز المالي للمؤسسة ؛ إضافة الى تركيزهم على الشيخوخة وعدم إكتراثهم بالوفاة والعجز والتقاعد المبكر التي يشملها الإشتراك الاختياري مما يقلل دافعيتهم بالإشتراك الإختياري حيث لايتجاوز عدد المنتسبين الفعالين بهذا الاشتراك (70) الف مشترك من حوالي (750) الف أردني يعمل في الخارج؛ وهذه بالطبع نسبة متدنية جدا مقارنة مع الجهود التي تبذلها مؤسسة الضمان الاجتماعي في هذا المجال.
والمقترح الذي نوصي به في هذا المجال يتضمن الأخذ بأحد البدائل التالية :
1- صدور قرار حكومي يعتبر فترات الاغتراب للأردني المشمول بالتقاعد المدني فترات مشمولة بالتقاعد المدني ؛ على أن تحصل منه الإشتراكات المقررة عند تسوية حقوقه، وبالتالي لاداعي لشموله بمظلة الضمان الاجتماعي.
والأخذ بهذا المقترح يكبد الخزينة رواتب تقاعدية مستقبيلة ؛ كما أنه لايصب في مصلحة المغتربين كونه حصولهم على راتب تقاعد من الضمان أفضل بكثير من راتب التقاعد المدني.
2- صدور قرار حكومي بإعتبار الموظفين المشمولين بالتقاعد المدني ولم يستوفوا شروط استحقاقه، سواء كانوا داخل المملكة أم خارجها ؛ مشمولين بالضمان الإجتماعي من تاريخ تعينهم، على أن تتولى وزارة المالية تحويل عوائدهم التقاعدية لمؤسسة الضمان الاجتماعي ويتعهدوا بإستكمال دفع الإشتراكات المقررة والفائدة القانونية المترتبة على شمولهم بأثر رجعي وتحتسب هذه الفترة خدمة فعلية لهم.
الأخذ بهذا البديل قد يرتب مبالغ تفوق قدرة بعض العاملين وبالتالي قد يرى البعض إستمرار شموله بالتقاعد المدني أفضل.
3- صدور قرار حكومي بتخيير الموظفين المشمولين بالتقاعد المدني ولم يستوفوا شروط استحقاقه، سواء كانوا داخل المملكة أم خارجها ؛ بالشمول بالضمان الإجتماعي من تاريخ تعينهم، على أن تتولى وزارة المالية تحويل عوائدهم التقاعدية لمؤسسة الضمان الاجتماعي ويتعهدوا بإستكمال دفع الإشتراكات المقررة والفائدة القانونية المترتبة على شمولهم بأثر رجعي وتحتسب هذه الفترة خدمة فعلية لهم.
هذا البديل الأنسب للعاملين وللحكومة ؛ حيث يتيح لهم الحصول على رواتب تقاعدية مرتفعة مقارنة بالتقاعد المدني ؛ كما أنه الأنسب لخزينة الحكومة التي ترهقها فاتورة الرواتب التقاعدية، كما أنها تعطي فرصة لهذه الشريحة بترك وظائفهم وبالتالي فتح المجال للحكومة بتوظيف بدائل.
والأخذ بهذا البديل يتطلب تعديل أنظمة الضمان الإجتماعي بإلغاء شرائح الأجور المقررة للإشتراك الاختياري بالشكل الذي يضمن المرونة بالإختيار بين الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور ضمن ضوابط تحافظ على حقوق المؤسسة في هذا الجانب.
ثانيا : التأمين الصحي للعاملين في الخارج: إشتكى العديد من المغتربين بعدم شمولهم في التأمين الصحي عند عودتهم لقضاء إجازاتهم بالوطن، كما أنهم أبدوا إمتعاضهم من سياسة بعض المستشفيات الخاصة في تقديم الخدمة لهم وتباين وإرتفاع هذه الإسعار بشكل يفوق قدراتهم، والحل بأعتقادي يسير خاصة بأن معالي وزير الصحة إيجابي جدا نحو مطالبهم، وعليه نقترح مايلي:
1- أن يصدر قرار حكومي بإتاحة الفرصة وبشكل اختياري لكل مواطن عامل بالخارج بالاشتراك بالتأمين الصحي الحكومي ؛ فإن كان موظفا وحصل على إجازة أو استقالة أو إعارة للعمل خارج المملكة فله الحق بالاستمرار بالإشتراك بمظلة التأمين الصحي بنفس المستوى المقرر له وهو على رأس عمله وتنظم عملية دفع الإشتراكات مع إدارة التأمين الصحي، إما إن كان غير مشمول بالتأمين الصحي فله أن يخيير بالشريحة التي يشترك عليها وفقا للأجر الذي يختاره أو وفقا لأجره الذي شمل على أساسه في الضمان الإجتماعي .
2- أن تتولى وزارة الصحة مراقبة إلتزام مستشفيات القطاع الخاص بالتسعيرة المتفق عليها ونشرها على موقع الوزارة الألكتروني ؛ وكذلك إتاحة الفرصة للعاملين في الخارج العلاج في هذه المستشفيات إن كانت شريحة إجورهم تتساوى مع موظفي الحكومة المتاح لهم العلاج في هذه المستشفيات.
نتمنى على دولة الرئيس ؛ والذي وعدني شخصيا ؛ دراسة هذا الموضوع الهام، أن يعطيه إهتمامه الشخصي ؛ كما ونتمنى عليه تشكيل لجنة من المعنيين لوضع سياسة وطنية للحماية الإجتماعية تضمن التكاملية والشمولية بتطبيق برامج الحماية الإجتماعية على المستوى الوطني.
* مدير إدارة التخطيط وتطوير الأداء المؤسسي / الضمان الاجتماعي
a.qudah@yahoo.com