"الذمة المالية" بخمسة دنانير!
خالد فخيدة
13-05-2008 03:00 AM
استبشرنا خيرا العام الماضي حينما اقر مجلس النواب قانوني إشهار الذمة المالية وهيئة مكافحة الفساد وبدء العمل بهما بعد أن وشحا بالإرادة الملكية السامية لقناعتنا بأهميتهما في تمكين أي حكومة من الفاسدين وفق اطر قانونية وشفافة لا مجال فيها للاجتهاد أو التقدير.
ومع أن بنود قانون إشهار الذمة المالية لم ترتق الى مستوى الشفافية التي كان يطمح لها قبل 17 عاما حينما أدرج على جدول أعمال برلمان 1989 كمشروع قانون اشتهر باسم "من أين لك هذا؟" إلا أن في بصيص النور الذي أضاء به ركنا من طريق مكافحة الفساد أمل في الحد من هذه الآفة مستقبلا.
وفيما ننتظر من هيئة مكافحة الفساد ما يثلج الصدر بنبشها من قضايا الفساد ما يعيد الى الخزينة ما هو حق للدولة ويعزز ثقة المواطن باستراتيجيات الحكومة لتحسين أحواله، فان نسمع أن 97 موظفا عاما لم يشهروا ذممهم المالية خلال المدة القانونية فهذا مؤشر على أن هؤلاء لم يجدوا ما يجبرهم على الالتزام بما نص به القانون.
وبمراجعة نص المادة 12 من قانون إشهار الذمة المالية الساري المفعول رقم 54 لسنة 2006 "يعاقب المتخلف عن إشهار ذمته بتهمة جنحة مخالفة قانون إشهار الذمة المالية وعقوبتها الحبس من أسبوع الى ثلاث سنوات أو الغرامة من خمسة دنانير إلى 200 دينار".
صحيح أن دائرة إشهار الذمة المالية أحالت 97 شخصا من كبار موظفي الوزارات والمؤسسات العامة الرسمية ممن لم يشهروا ذممهم المالية الى المدعي العام تمهيدا لإحالتهم للمحاكم المختصة (محاكم الصلح) لمحاكمتهم بتهمة مخالفة القانون، ولكن حينما نجد أن العقوبة التي من الممكن أن تصدر بحق أي من هؤلاء هي تغريمه خمسة دنانير فلن نجهد أنفسنا في البحث عن السبب في تقاعس هؤلاء عن تأدية الواجب المطلوب منهم.
إن عظمة قانون إشهار الذمة المالية في النفس الشعبية الأردنية تستوجب من المشرع الأردني والحكومة من قبله الدعوة الى تعديل هذا القانون بما يعزز هيبة هذا الإجراء من خلال إلغاء العقوبة المالية التي لا تزيد عن 200 دينار وحصرها بالحبس الذي لا يستبدل بغرامة، ما دام الهدف المصلحة العامة للوطن.
إذا كانت غرامة من يغتال الشخصية في قانون المطبوعات والنشر لا تقل عن 20 ألف دينار، فاعتقد أن من يحاول عرقلة برامج تطوير الدولة فعقوبته لا يوازيها أي ثمن.