كلمة شكرد.رحيل الغرايبة
30-07-2015 03:58 AM
يستحق وزير التربية وطاقم وزارته وكل المؤسسات المختصة والأجهزة المساندة كلمة شكر من الشعب الأردني على إعادة امتحان الثانوية العامة إلى السكة الصحيحة من حيث الجديّة والصدقية وقطع دابر الغش، وإعادة الهيبة والاحترام المطلوب لنتائجه وإفرازاته وآثاره. الغش خيانة، والغش في الامتحانات العامة يرقى إلى مستوى الخيانة الوطنية، والتواطؤ مع ظاهرة الغش خيانة كذلك، لأن الذي يغش في الامتحان إنما يغش نفسه وأهله وشعبه، ويغش وطنه، لما يترتب على هذا الفعل من آثار وخيمة تلحق الضرر بالمصلحة العامة، فالذي يحصل على معدل عالٍ في الثانوية عن طريق الغش، فيجعله يحصل على مقعد طب أو هندسة أو صيدلة، أو أي تخصص بغير حق، سوف يؤدي إلى تخريج طبيب غاشٍ لن يتورع عن إلحاق الأذى بمرضاه، والمهندس الذي جاء عن طريق الغش سوف يكون غاشاً في تصميم المباني وإنشائها، وسوف يلحق الأذى بالطرق وشبكات المياه، وهكذا فكل الذين استمرأوا الغش والتدليس في هذه المسألة سوف يكونوا كذلك في كل قضايا الوطن الكبرى والصغرى، وسوف ينتج عن ذلك منظومة متكاملة من الأضرار والآثار الخطيرة المستمرة التي تلحق بالأجيال في المستقبل القريب والبعيد. ولذلك ينبغي تقديم كل أنواع الدعم والمساندة للوزير في هذا الجهد الوطني، بلا أدنى تردد بغض النظر عن الاختلاف الفكري والتباين السياسي، فهذه القضية لا تحتمل الخلاف، ولا يقبل فيها الخلاف على الإطلاق، ولا يجوز اللجوء إلى أي درجة من درجات التهاون أو الاستخفاف في ضبط الامتحان وإحكام الإجراءات التي تكفل المصداقية والعدالة والمساواة بين المتقدمين للامتحان. هناك ملفات أخرى أمام الوزير فيما يتعلق بالمناهج المدرسية وإعداد المدرسين، وتأمين المرافق الضرورية، وتأمين حاجات التلاميذ الأساسية، والنظر إلى المناطق البعيدة والنائية بعين الرعاية والاهتمام، فكل ذلك صحيح وهو محل للاختلاف، وهناك وجهات نظر متفاوتة في مسائل التطوير والتحديث والمراجعة، فهذا مقبول وتحترم وجهات النظر المختلفة في هذه الملفات، لكن الاختلاف في مسألة قطع دابر الغش بشكل حاسم لا تخضع لمنطق احترام وجهات النظر. وظيفة الامتحان أن يكشف عن المستوى التعليمي للتلاميذ وعن مستوى التدريس للمدرسين، وعن المستوى العملي للمناهج، ولذلك أن يخضع الامتحان لمزيد من التطوير والتحديث ليكون أكثر علمية وموضوعية ودقة، فهذا ما ينبغي الاتفاق عليه، لكن إنجاز هذه الخطوة يعد المقدمة الأولى للنجاح في بقية الملفات، ولن يكون هناك قيمة للجهود المبذولة على صعيد تطوير المناهج وتحديث المدارس وتزويدها بالتقنيات التعليمية المطلوبة في ظل استشراء ظاهرة الغش، وانتشار المافيات الفاسدة التي تستثمر في هذه الناحية. القضية الكبرى التي يجب الالتفات إليها من قبل الوزير تتعلق بإعادة الثقة بقطاع التعليم العام، الذي فقد هيبته على الجملة، وأصبح قطاع التعليم الخاص يحل محلّه بالازدهار والتقدم والإقبال والثقة من قبل الجمهور، وأعتقد أن هذا يمثل خطراً كبيراً يهدد الدولة، لأن قطاع التعليم يجب أن يحظى بالاهتمام الأول من قبل الدولة والحكومة، لأن صياغة الجيل القادم من حيث العقل والوجدان وطريقة التفكير، ومن حيث البناء الإنساني على الجملة يجب أن يخضع لجملة معايير وطنية متفق عليها، ويجب وضع حد لظواهر المدارس الخاصة التي أصبحت تمثل جزراً منعزلة، تخضع لفلسفات مختلفة، وعقول إدارية متباينة في طريقة التفكير وفي طريقة التدين والانتماء الوطني والنظرة إلى الحياة، فهذه مسألة وطنية خطيرة ينبغي أن تكون بعيدة عن منطق النزاع الفكري والسياسي في ظل المشهد العام الذي يحيط بالمنطقة العربية. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة