إن الأردن الدولة والنظام معاً يمثلان المعبد الذي نصلي فيه ونعيش فيه ويؤمّه كل الشرفاء من هذا الوطن الدولة، إن هذا المصطلح مقتبس من صديق حميم، كنا نتحاور قبل الدمار العربي بضرورة ترميم هذا المعبد والإبقاء عليه واليوم في ظل هذه الأوضاع ننادي ببقاء المعبد كما هو دون أي ترميم أو تنظيف أو تغيير؛ لأن الأردن الدولة هو المؤل والملاذ ولا بد من الحفاظ عليه آمناً مستقراً، وأعتقد أن هذا مبني على حالة الوعي السياسي لدى المواطن الأردني، فحالة الوعي هذه تمثل حالة متقدمة في فهم معنى الأمن والاستقرار والعيش الكريم الآمن في ظل محيط ملتهب ودول فاشلة بالمعنى الحقيقي.
إن الحفاظ على الدولة هي ضرورة ملحة أمام هذا السيل الجارف من الفوضى التي تعم الإقليم وليس فقط الشرق العربي وإنما كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وعليه فالمنطقة برمتها تتعرض لمخطط مرسوم ومدروس في نشر الفوضى على أسس عرقية ومذهبية وطائفية وفكرية وأوجه أخرى متعددة، وربما خرائط جديدة وتقسيمات متعددة متصارعة لعقدين من قادم الزمن على الأقل، وأمام هذا المخطط المرسوم والتفاعلات التي تحدث والقوى الفاعلة من إقليمية ودولية ما علينا نحن في الأردن إلا درُّ الفتنة والمخاطر التي تحيط بنا ونتهدد بها؛ لأن الفتنة سهل إشعالها لكن لا تعرف متى وكيف تنتهي؟ وما دمنا على وعيٍ كاملٍ بضرورة الحرص والحفاظ على الوطن الدولة، علينا أن نعمل معاً ومشتركين في التصدي لكل المخاطر المادية والفكرية التي تسيء للوطن، صحيح أن هناك مؤسسات وأجهزة أمنية فاعلة قادرة على حماية حدود الوطن من أي اعتداء، لكن الجبهة الداخلية الأردنية تحمي بكل مكونات الوطن الاجتماعية والتزامها وانتماؤها، إذ أن أي مساس في هذه المعادلة ستلحق الأذى بالجميع وعليه فإن الجميع من فئات وأفراد هم الرديف الأقوى والأمثل لهذه المؤسسات من أجل أن يبقى هذا المعبد الذي نعيش فيه ونكنّ إليه آمناً مستقراً. وفي هذه المعادلة هناك طرفُ آخر هو الحكومة بمؤسساتها المختلفة عليها دور في أن تصب قراراتها في منظور المصلحة الوطنية العليا، وإجراءاتها تسعى لنيل ارتياح المواطن ورضاه؛ لأن خلق الرضاء النفسي مطلوب من الحكومة في سياساتها وإجراءاتها لأن ذلك يصب في زيادة درجة الشرعية السياسية، ومن هنا على الحكومة أن تراعي أحوال المواطنين المعيشية والحياتية ولا تقوم بأي إجراءات تزيد من درجة الاحتقان السياسي وتنفيذ المطالب المختلفة ونيل رضا المواطن والابتعاد عن الضغط النفسي على المواطنين في سلوكها الذي يمس حياة المواطنين ومعيشتهم.
إن المرحلة تتطلب آداءً حكومياً متميزاً وكفؤاً وشفافية ونزاهة منقطعة النظير لتجاوز الحالة الراهنة حفاظاً على المعبد "الأردن الدولة" والأمن والاستقرار، وعليه في بال المواطن العادي العديد من الأسئلة تتعلق بهذه المعادلات، منها : كيف يطلب مني ذلك وأنا لا أجد لقمة العيش (الفقر)؟، كيف يطلب مني ذلك وأنا معطل عن العمل (البطالة)؟، كيف يطلب مني الرخاء النفسي وأنا محبط داخلياً من ممارسات غياب العدالة والمساواة؟، كيف يطلب مني ذلك وأرقام التضخم والمديونية في ازدياد؟، كيف يطلب مني ذلك وأنا أرى اللاجئ السوري يعيش أفضل مني كمواطن؟، كيف يطلب مني ذلك والأبواب مقفلة في وجهي من المسؤولين الذين يعيشون في أبراج عاجية؟، وهناك أسئلة كثيرة ومحرجة لا داعي للحديث عنها في هذه العُجالة، وحمى الله الوطن من الفوضى والفتنة.