قال الامام الشافعي: (ما حك جلدك مثل ظفرك,فتول انت امرك, واذا قصدت لحاجة, فاقصد لمعترف بقدرك).
لا تقل لي ثانية انك غير ناضج بالدرجة الكافية لتكون حرا, لأن هذا التعبير مهين ووضيع، واحتقره الفلاسفة على مدار العصور، لكن الساسة كثيرا ما يستخدمونه كمقدمات لغرض استبدادهم، وقوانينهم ودساتيرهم المقيدة والمعيقة والمانعة للحريات.
من ثم تكون هناك حجة مصلطة على الرقاب، حيث لا تأتي الحرية ابدا أو تظهر في الافق.
اننا في الحرية لا نلجأ الى الغير، ولا نعتمد على الآخرين.
ان رأينا بيدنا وكلامنا بلساننا, حين يعبر عن دواخلنا، فلا نبني يقينا على جهل، اذ عدم المعرفة دائما ما يقود الى الفوضى.
العلم يرفع بيوتا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العز والكرم
على الانسان الا يقبل ان يكون في يد احد, لانه بذلك سيصبح اداة وملكية في يده ايا ما كان مكانه، لانه لم يعد هناك مكان في هذا الزمان غير الحر, اذ الغيت العبودية شكلا، لكن الغاءها لم يمنع التسلط وبسط الملكية على الاخر, والاستحواذ عليه,وسلبه ارادته وسرقة روحه واختطاف عقله، وهو اشد انواع العبودية، لان الحر هو القادر على ان يقود ذاته في المجتمع الذي يعيش فيه ويتحمل مسؤولية كلمته وقراره, ويعرف أفق وحدود سلوكه مع ذاته والاخر.
الحرية هي العقل والارادة، على الرغم ان كثيرا من المثقفين يمارس عليهم الاسترقاق والعبودية.
لا يمكن للمرء ان يكون حرا في مجتمع يفتقد الحرية التي لا جذور لها ولا اساس مبني على قيم مبدئية تتعلق بارادة العقل الحر.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا.
الحرية هي امكانية الفرد بدون اي اجبار أو ضغط خارجي على اتخاذ قرار معين أو تحديد خيار من عدة امكانات موجودة.
مفهوم الحرية يعين بشكل عام شرط الحكم الذاتي في معالجة موضوع معين, وهي أغلى ما يملك الانسان وهي حق غير قابل للتفويت، اذ لا كرامة ولا حياة دون كرامة.
هناك انواع مختلفة للحرية منها حرية التعبير وحرية الفكر وحرية الاعتقاد وحرية التنقل.
مثلما تعطى الحرية للبذرة لأن تشق الارض وتخرج نباتا له حرية النمو والتنفس والاثمار، فما الانسان الا هذه البذرة التي تنمو في مناخ يقدس الحرية ويؤمن بها،جاعلا اياها عقيدة لا يمكن الكفر بها، لمجرد حدوث تغير في السياسة والانظمة، ولا تكون الحرية مجرد كلمة جميلة في اللغة، بل يجب ان يكون التجلي للحرية هو الذي يحكم بعيدا عن ترديد مفردة الاستحالة أو معنى ان الشعب غير ناضج لاستقبال الحرية.
حتى نكون احرارا يجب ان نتعلم ايضا كيف نفرق بين الرأي والخبر، فالخبرهو قولك انه تم فعل الشيء, أما الرأي فانه تم فعل الشيء من اجل سبب معين.
ممارسة التفكير العلمي النقدي منذ الطفولة يوصل الانسان للصواب،حيث الانظمة الاستبدادية، لا تريد لشعوبها ان يفكر بطريقة صحيحة، مع العلم ان التفكير العلمي يدرس في الغرب للاطفال منذ نعومة اظفارهم.
خلاصة التفكير العلمي هو طلب البرهان, فلا يقبلون اي شئ على علته الا اذا طلب البرهان, فلا يقبل اي شئ على علاته دون دليل مصداقا لقوله تعالى:
(قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين).
يجب ان نتبين درجة وثوق الخبر,خصوصا في فتنة الكذب الذي اصبح هو الاصل والصدق هو الاستثناء.
لذلك لا يؤخذ اي خبركحقيقة لا شك بها,وانما يعرض على العقل النقدي لمعرفة صحته,لأن موازين القوى هي التي تحكم بالنهايةوتحدد الصواب من عدمه.
ان النقد هو الخبر او التصور الذي ينقل الموقف ومحتواه للانسان الحاضر ومستقبله.
يختلف النقد تبعا للثقافة السائدة الحاوية للمرسل والمستقبل معا،أما النقد غير المباشر,فانه يلجأ الى الرمز او التضمين او الاشارة، ويحتاج الى مهارة لكشف المعاني وفك الرموز, والمفاهيم المستترة وراء المنطوق أو الاشارات والعلامات.
للنقد ضروب عدة منها المقارنة والمقابلة لابراز الاصيل والمنتحل، ثم النقد المعياري الذي يستند الى الاصول الفنية او القيم السائدة او الثوابت التي تشكل بنية العقل الجمعي في ثقافة ما.
أما مدارس النقد المعاصرة فتحوي على النقد الثقافي والنقد النسقي والنقد الذاتي الانطباعي ونقد النقد.
في المؤسسات التعليمية، هناك فساد منهج, يستوجب النقد والنقض للمناهج, وأسس التدريس وتهميش القدرات الذهنية لخلق الافكار المبدعة واهمال البحث العلمي وعدم تشجيعه.
لكن النقد يجب ان يكون أداة للبناء، وليس معولا للهدم.
النقد عطاء ودرب من الاصلاح، يجب ان نفعله ونحرص على وجوده حرا طليقا مع الالتزام بحدوده التي ينبغي علينا الا نتعداها.
dr.sami.alrashid@gmail.com