صدري يؤلمني.. عليك يا خميس.
هل تعرفون من هو خميس؟ شاب في أول العشرين، من دون أب ولا أم وهو لا يقرأ ولا يكتب، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، مصاب بالشلل.. والتقيته بالصدفة على باب مسجد في وادي صقرة , حين كنت مارا بسيارتي وتوقفت له كي يقطع الشارع ... ولكنه رفض وطلب مني أن اكمل مسيري ...
نزلت من السيارة , وسلمت عليه , وحملت عكازاته , وأجلسته بجانبي ... ثم ذهبنا لمطعم (عقل) .. وتبين لي أن اخر مرة تناول فيها خميس الدجاج كانت منذ فترة طويلة ... تبين لي أنه بدون مأوى وينام في فندق، أول البلد .. ويدفع لقاء الليلة الواحدة (3) دنانير .. يالغبائي؟ قلت له غرفة بثلاثة دنانير .. ضحك ثم قال :- هناك أكثر من خمسة يشتركون في الغرفة.
صدري يؤلمني عليك يا خميس؟
لا أدري كيف ..اساعدك ؟ هل أؤمن لك مأوى ...أم اشتري عكازات، أم أتحدث مع زين السحيمات كي تمنحك معونة عاجلة، أم اذهب للبلد كي اسدد نفقات إقامتك الباهظة ...أنت مبذر يا خميس.. فندق خمس نجوم ؟..
أمس كتبت له رسالة، لوزيرة التنمية كي يساعدوه ... بخط يدي كتبتها , على أمل أن يوفروا له عملاً أو معونة , علما بأن إعاقته لا تساعده على أداء أي عمل، وتحدث معي الان لحظة إفاقتي من النوم، وقال لي أنه ينتظر على باب الوزارة ... وأنت تدري يا خميس أن مثلي عاجز.. أيضا عن طرق أبواب الدولة... من مثلي همه أن يسلم من الشامتين , فإن كانت الحياة سجنك يا خميس ... أنا أيضا محبوس خلف قضبان قلبي المتعب بقرار من الشامتين...
أنا قادم إليك أيها الاسمر .. الفقير والمعدم , سأفعل ما تريد ... سأحاول أن أقابل الوزيرة... كل ما أريده معونة شهرية على الأقل تؤمن لك سكنا , وسأطرق ابوابا غير أبواب الوزارة ..
قلبي يؤلمني عليك ... وها أنا قادم , للوزارة ...وإن لم نفلح في تأمين سكنك، وأقسم على ذلك سنقتسم , الهواء والوطن والأيام أنا وأنت..
سامحك الله , لم تجد يا خميس غيري كي ترمي عليه كل بؤسك؟
حين شاهدت يده.. دموعي نفرت من عيني فالعكازات قديمة وتسببت في انتفاخ إبطه وكف يديه...
أنا قادم إليك يا خميس ...انتظرني.
الرأي