كيف ينظر العرب المساكين الى الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي جاء الى البيت الأبيض لأول مرة في التاريخ الغربي، مصلحا عالميا ومجددا لعصر الأمبراطوريات القديمة، ويحمل على عاتقه مهمة الخلاص من التركة العربية الثقيلة التي أنهكت الدبلوماسية الأميركية، والبدء بعصر جديد ليس فيه سوى مهمة واحدة، تغيير الأولويات الأميركية ودعمه لقوتين ستحكمان قبضتهما أكثر على الشرق الأوسط، وهما إسرائيل المدللة الغاضبة، وإيران العدوة السابقة التي ستتحول الى صديقة المصالح الغربية عما قريب، فيما العالم العربي يغرق في مستنقع الحرب التي لا تنتهي، حروب ستكلف ميزانيات الدول الغنية مليارات الدولارات، لتكون الخسارة مزدوجة إذا ما حسبنا مئات المليارات التي ستكسبها إيران نتيجة الإتفاق.
إذا ما الذي على الدول العربية أن تفعله مقابل التطورات الدراماتيكية الجديدة التي ستخلق خلال النصف المتبقي من هذا العام أوضاعا واستراتيجيات وقواعد جديدة للعلاقات بين العالم الغربي والعالم الشرق أوسطي، وماذا سيقدم العرب للغرب أكثر مما ستقدمه إيران ؟ النفط ؟ إنه موجود لدى إيران، والغاز أيضا، والصناعات الطبيعية، ومناخات الاستثمار، والقوة البشرية وعلى رأس ذلك القوة العسكرية، وأيديولوجيا ستقدم سياسة الديمقراطية المبنية على الانتخابات الرئاسية التي تشبه انتخابات فرنسا والولايات المتحدة، وستقدم حجة التاريخ الفارسي وقواعد الدول الراتبة التي استفادت من إمبراطورية الشاهنشاهية حتى قبل أقل من أربعين عاما ذهب يومها حكم الشاه محمد رضى بهلوي، رجل الغرب القوي، وكل ذلك سيفتح شهية أوروبا الجديدة بسياساتها اليمينية والولايات المتحدة أيضا، لإعادة تأهيل إيران كزعيم جديد في الشرق الأوسط.
من المفيد لنا نحن العرب في كل مكان أن نعترف أننا غارقون حتى الآذان في الوحل السياسي والدماء المتدفقة في كل مكان، وفي صراعات لن تنتهي قبل أن يتحول المارد الإيراني سيد المنطقة الآمر الناهي، فلا أوباما يعاني من الأرق نتيجة تفكيره بسوء الأوضاع في عالمنا العربي، ولا زعماء أوروبا يعذبهم الضمير نتيجة ضياع بوصلة العالم العربي ودوله وموت حكامه وتشرد شعوبه بين نيران الداخل ولجوء المخيمات في الخارج، فماذا ينتظر الزعماء العرب الذين لا تزال الشعوب الحية تنظر لهم بعين الأمل بعد الله كي يتحركوا ليزيحوا هذا الغم من على صدور شعوبهم، ويعيدوا للعالم العربي كرامة داست عليها المصالح الأميركية والغربية، في إحياء جديد للاستعباد الأفريقي، والاستبداد الاستعماري الذي مارسته ممالك وإمبراطوريات ودول أوروبا التي تأنقت اليوم بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، بعدما اغتسلت من وحل التاريخ القذر الذي عاشته حتى منتصف القرن العشرين، وأبادت خلاله ملايين البشر بلا اعتذار.
ماذا ينتظر العرب، هل سيبقون أتباعا للمذهب الأميركي؟ وهل سيبقون على سياساتهم المهرولة خلف «ولاية الفقيه الأميركي»، التي تزعمها الرئيس باراك أوباما، فرأى نفسه في المنام بأنه إمبراطور جديد يمكنه إعادة رسم خارطة العالم من جديد، فعاند الكونجرس، وتحداهم بشق عصا الطاعة وإعلان « الفيتو» لأول مرة نذكرها نحن، واتفق مع إيران منذ ثلاث سنوات على عدم الاقتراب من النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، وعدم ضرب الجيش النظامي أو أي مليشيا أو قوة تقاتل معه، وحتى اليوم يعارض أي تدخل عسكري مباشر في سوريا أو فرض حظر جوي عليها، وإطلاق يد حكومات بغداد التابعة لطهران والسماح للقادة العسكريين الإيرانيين بقيادة الجيش العراقي المتهالك والعصابات الطائفية، وإطلاق يدها للفتك بأهل السنة، الذين يخرج من أصلابهم الإنتحاريون الذين دوخوا قوات الإمبراطور الأميركي، وكل هذا ضمن إتفاقات أولية لضمان التوصل الى الإتفاق الذي شهدناه.
حسنا، إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تلتقي مصالح غالبية الدول مع مصلحة الكيان الإسرائيلي في شعورهم بالتهديد جراء الاتفاق الذي فازت به طهران، والتقارب المتوقع ما بينها وبين الغرب الأوروبي والأميركي، والاعتماد عليها كشرطي جديد في الشرق الأوسط، فما الذي يمنع من خلق محورشامل متكامل سياسيا وعسكريا واقتصاديا، يشكل نواة اتحاد عربي جديد يعيد بناء الشرق العربي السني كقوة ضاربة تفرض شروطها دون الانصياع لما يجري، وذلك قبل خروج الشرق الأوسط الشيعي الذي ستبنيه إيران وتحبه الولايات المتحدة وحلفاؤها كثيرا، وسيهدون لكم ما سيتبقى من تنظيم داعش الذي لن يقاتل سوى الدول السنية عما قريب.
Royal430@hotmail.com