علاء الطراونة .. هل كان صدفة؟
13-05-2008 03:00 AM
في 08,أيار,2008 - 06:53 صباحاً, علاء الطراونة كتبها ...
هكذا ..... انتهت المسرحية , وذرفت دمعتين, إحداهما دمعة حزن والأخرى دمعة خوف . وجعلتني يا عاطف أتلمس جسدي لأعرف هل أصبحت مرقّطا أم ما زلت على حالي ولم أتغير . فعولمة الترقيط وسطوة الأفاعي تباغت كل يوم حصناً من حصوننا ولم يقتصر البكاء على الجمال بل تعداه إلى الرجال وها هي الرمال المتحركة يا صديق نغوص فيها وتمنعنا نعومة ملمسها عن الإحساس بها ولا ندرك خطورتها إلا لحظة الاختناق ........... سلمت يداك ودام قلمك المكتنز إبداعا وأدبا راقيا وفكرا محترما.... أخوك علاء الطراونة
....................
ربما كان النص أعلاه آخر ما كتب علاء قبل دخوله إلى العملية بحوالي عشرين ساعة ونشره في مدونتي تعليقا على مسرحيتي الأخيرة (عندما بكت الجمال ) التي نشرتها في اليوم نفسه.. والتي غالبا كانت آخر ما قرأ. هل كان صدفة ؟ أن يكون آخر ما بيننا من تواصل أن يقرأ عن بكاء الجمال.. والتي هي رمز الصبر.. وأن يكتب عن الدموع.. والتي هي ترجمان الوداع.. ؟ أحقا كان ذلك صدفة؟
حين كان اسمه (المهاجر) وكان يعلق على مقالاتي .. هل كان صدفة أن اكتشف كل منا الآخر.. غريبان على شاطئين متقابلين من الخليج.. لم نر بعضنا حتى الآن.. تواعدنا على اللقاء صيفا في الكرك.. أو عمان.. ولم نتمكن.. وشاء الله ألا يتم ذلك اللقاء رغم أننا توجهنا معا في الساعة نفسها إلى عمان الغربية.. اتصل كل منا بالآخر وأنا أجلس مع كامل نصيرات بباب (العرب اليوم) وكان في طريقه إلينا.. ثم اتصل معتذرا لأن أحدا من أحبته أقسم عليه ألا يخرج.. سافرنا بعدها كل إلى شاطئه .. ولم نلتق.. بقي بيننا الهاتف.. وعمون.. حتى النهاية..
سافر في منتصف آذار الأخير إلى الصين.. ليزرع قلبا جديدا.. وكنت ودعته بمقالة (علاء الطراونة..عموني بقلب صيني) بعدها بيومين هاتفني من الصين.. وكان نشطا متحمسا.. كثّف كتابته على غير العادة.. أصبحت مقالاته تمطر القراء بغزارة كأنه يريد أن يلحق ما فاته .. أو كأن دنو أجله أصبح حاضرا في ذهنه.. ويريد أن يفرغ كل وآخر ما لديه ليكون معطاء حتى النفس الأخير.. هل كان ذلك صدفة..؟
كان مقاله الأول في عمون (بنكرياس للبيع) يبكي فيه حال فقراء الوطن الذين لجأوا لبيع كلاهم لفرط جوعهم .. وهو في انتظار أن يغير قلبه.. فهل كان صدفة؟
وكان مقاله الأخير .. (أغثنا يا الله) ومطلعه (ما زلت في الصين ! ولم يتوقف
المطر منذ ثلاثة أيام تقريبا. سمعت بأن الهواء بارد وجاف في الأردن والأرض عطشى) فهل كان صدفة أن يبدأ الكتابة بفقراء الوطن .. وينتهي بعطش الأرض؟
ولأنني اتصلت بمرافقيه عصر البارحة وطمأنوني.. فقد كنت على يقين بالله أن يعيده إلينا سالما.. لم أفتح عمون صباحا.. ولم أقرأ الخبر مبكرا .. حتى اتصل بي أنور الخطيب وعرفات شديفات من الدوحة.. ولأني كنت أتلقى العزاء.. أقسمت في تعليقي على خبر وفاته أن أقول فيه ما لم يقله شاعر في خليفة.. ولا مرتزق في ملك.. وما زلت عند قسمي .. وستأتي القصيدة يا علاء.. ستأتي وهي التي لم تأت منذ سنين.. فأي صدفة تلك التي هي أنت؟!
انتظرتك وقلت لك.. (عد سالما يا ولدي.. يا أخي.. يا صديقي.. بقلب صيني تايواني أصلي.. تقليد..لا يهم.. ) وبشرتك بقلب متين كقلوب أبطال الكونغ فو.. لكن حتى هذا القلب فرّ من صدرك حين لم يحتملك.. ولم يحتمل جبروتك.. وهمومك .. فآثر أن يستريح.. ويريحك.. ويشقينا ..
اليوم توفي فجرا.. في الصين.. التي يضرب بها المثل في البعد.. واليوم بالذات يضرب الصين زلزال يفوق 7,8 درجات .. لكأن الأرض اهتزت لموته.. فهل كان ذلك صدفة؟
http://atefamal.maktoobblog.com/