من المرات القليلة جدّا بل والنادرة التي أقف فيها عاجزا عن خط كلماتي .. كلمات يعتريها الألم الشديد والحزن العميق عندما انعى وفاة زميل وصديق عزيز لم أشبع بعد من صداقته التي لم تدم إلا أيام .. لا أعلم هل أعبر عن سعادتي بمعرفة هذا الإنسان .. الإنسان ، أم أعبر عن مدى الحزن والألم الشديد على فراقه ! مفارقة غريبة أعيشها وأنا أكتب كلماتي هذه بحق زميل عزيز لم يذكر في غربته إلا الوطن .. ولا شيء سوى الوطن ..
غادرنا جسده ولكن قلبه وكامل حواسة كانوا معنا على الدوام يطالع اخبارنا نحن الأردنيون ونطالع أخباره .. كم كانت فرحتي كبيرة عندما قرأت خبر نجاح عمليته .. ولكن لن نقول سوى "قدر الله وما شاء فعل" . وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
علاء الطراونة الذي شاركنا همومنا يوما بيوم ولحظة بلحظة .. لم يغب عن ذهنه وطنه الأردن الذي يعيش في قلبنا وقلبه .. قلبه الذي فتحه للجميع مشاركا كل أردني حبه لوطنه وانتماءه له .. لم يزاود علاء على حب الأردن بل كانت مشاعره دوما أصدق من الصّدق عندما كان يكتب عن وطنه الذي يبعد عنه آلاف الأميال .. كان هناك في أقصى الشرق يخضع لعملية القلب المفتوح .. ولم يغلق عينه أبدا عندما كان يرى فيها مروج إربد وجبال السلط .. وعراقة الكرك .. الكرك التي أنجبت هذا الإبن البار .. نعم كان بارا لبلده ووطنه ولأهله . لسوء حظي لم يتسنّ لي أن أعرفه عن قرب لكنه كان قريبا مني على الدوام . إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وانا على فراقك لمحزونون ..
من منّا يستطيع نسيان أنك دعوت مرارا وتكرارا بأن يغيث الله الأردن بمطر الخير حتى على حساب راحتك .. وكتبت يا علاء :
"مرة وعلى أحد الأرصفة في عمان رشقتي تكسي مسرع بالماء والطين وبللني من رأسي الى قدمي , غضبت حينها وكلت له الشتائم لكنه لم يسمعني , أما الآن ليته يعود وياليتها تمطر من جديد ولتفيض الشوارع والطرقات بالماء ولترشقني كل "تكاسي" عمان بالدور واحدة تلو الأخرى , أرجوك يا رب "
لم ولن أنسى مقالك الذي كتبت فيه :
"هل يليق اسم سلمى بطفلة لم تمارس العيش وتوقفت أنفاسها قبل ان تحظى بجرعة حليب واحدة ولم تقم حتى بواجب التنفس ؟ لأن والدها أمسكها بين ذراعيه لا ليحتضنها بل ليجعلها تغط في موت عميق عنوة ودون فرصة للدفاع ."
حتى في النقد الرياضي كنت مبدعا يا علاء وكنت من القلائل الذين كان قلمهم جريئا وبكل ما تحتويه الكلمة من معنى .. عندما كتبت :
"ما الذي حدث , بكل بساطة اكتشفت بان هنالك طرف آخر وقد كان طرفا شرسا من الصعب مقاومته وقد كان تواقا للفوز وللكأس لينتزعه ليس من الفيصلي ولكن من الجمهور الأردني الذي كان هو الخاسر الأكبر يوم الخميس"
أخي علاء تلك هي سنة الحياة .. فلا تدري نفس بأي أرض تموت .. فتحت قلبك لنا جميعا وكان أبيضا بياض الثلج .. وأسعدتنا بكتاباتك التي كانت تزرع فينا قلوبا جديدة تنبض بحبّ الأردن .. الأردن الذي لم ولن ينساك .
أخي علاء لن أقول سوى رحمك الله وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان وليعلموا جميعا أن كل أردني هو علاء الطراونة ..
أخوك
حبيب
Habeeb1978@hotmail.com