يطيب لي في كل سفر والعطل الطويلة قراءة كتاب.. اي كتاب لم اقرأه من قبل ويكون غالبا موجودا في مكتبتي ومنذ سنوات احيانا طوال.
كتابي في هذا العيد كان (تاريخ الجراحة عند العرب) للدكتور عبد العزيز اللبدي وقدم له اولا: المرحوم الدكتور نبيه معمر نقيب الاطباء الاردنيين الاسبق ومؤسس مستشفى المقاصد بالقدس.. وثانيا الدكتور سامي حمارنة استاذ تاريخ العلوم عند العرب بجامعة اليرموك.. وبعد قراءته اهديته الى حفيدي مالك احمد القواسمة الذي سيغادرنا الى الولايات المتحدة هذا الاسبوع لدراسة الطب هناك..
أجمل ما قرأته في الكتاب: ان الام هي اول طبيب لاطفالها.. وان الصحة حالة تناسق وانسجام بين اجزاء الجسم المختلفة.. وان المرض حالة طغيان عنصر على عناصر اخرى في الجسم.. وان الشفاء هو الانتقال مرة اخرى من حالة الاضطراب الى حالة الانسجام.. !
وان قَسم ابقراط وشعار الحية حول السيف (شعار اله الشفاء عند اليونان) هو نفسه شعار الشفاء البابلي العربي منذ ثلاثة الاف عام قبل الميلاد.. وان العلوم تكمل بعضها بعضا وهي ملك انساني وليس لامة وحدها..
ويرى الجراح ابن ابي اصيبعة الدمشقي: ان العقل مسكنه في الدماغ ومسكن النطق واللذه في اللسان والضحكة في الطحال والغضب في الرئتين.. وان الانسان لا يموت حتى يبلغ الالم منتهاه في القلب.. واكد على اهمية الوراثة من الاجداد الى الاحفاد واعتبر في التشريح بان هناك اربعة ارباع :الاول في رأس الانسان وهلاكه الدماغ مسكن العقل والمعرفة والحلم، والربع الثاني في الصدر وفيه القلب مسكن الروح والفصاحة والفطنة والورع والهم والغم، والثالث في البطن وان المعدة بيت الداء وهي مسكن الرحمة او العداوة.. والربع الاخير في الحويصلة المرارية وان الكليتين مسكن حسن البيان والموهبة الصالحة الرشيدة.. ويرى بان اكثر الاسقام والعلل تأتي من كثرة الأغذية والاطعمة والتخليط بينها..
كما اكد الدمشقي على اهمية المهارة والاحتراف في الطبيب والحذق لحفظ الصحة للاصحاء والشفاء للمرضى وتمتعهم بالعافية من حيث العناية والوقاية ومداواة الامراض بالغذاء والدواء او بالجراحة حتى البراء..
ويعتبر الزهراوي اول جراح قام باستئصال الغدة الدرقية واستئصال اللوزتين العام 952 م.. وكان يعالج مريض الحصى بأن يحجل على رجل واحدة او ينزل من درج حتى تخرج الحصاة في البول والا فعلى الطبيب ان يقدم على الشق اي الجراحة..!
وان ابن العين زربي قام بالعديد من العمليات الجراحية الناجحة: في العين والاذن والانف والحنجرة والصدر والمجاري البولية وكسور العظام وداء الخنازير وامراض النساء واوجاع الرأس وانه ابدع في اجراء هذه العمليات ولم تكن لديه الالات التقنية المتقدمة آنذاك.
وفي علم الجراحة موضوع الكتاب وعنوانه نجد ان الكثير من العمليات الجراحية المتطورة التي لايزال يمارسها الجراحون في ايامنا هذه لم يطرا عليها تغييركبير وان الكثير من الادوات هي استنباط الجراحين العرب الزهراوي والرازي والبغدادي وابن الهيثم وغيرهم.. وقد اقرعلماء الجراحة في العالم كله بفضل الجراحين العرب وكل ذلك يكمل اعتزازنا بامتنا العربية وتاريخها المشرق وحضارتنا الانسانية..!
الراي
الراي