الأكراد مسلمون ُسنة أنجبوا صلاح الدين الأيوبي، ولكنهم أكراد في المقام الأول، تتمثل فيهم الروح القومية بأجلى صورها، مما مكنهم من تحقيق المعجزات وإثارة إعجاب العالم، فاستحقوا دولة كردية مستقلة مثل أي شعب في العالم.
القوميون العرب كانوا ينظرون شزراً إلى القومية الكردية بالذات لأنها لا تحقق دولتها القومية إلا باقتطاع جزء من أرض العراق العربي.
كان هناك إجماع عراقي وسوري وتركي وإيراني وفي جميع العهود على طمس القومية الكردية، واعتبار أكراد العراق عراقيون فقط وأكراد سوريا سوريون فقط كما أن أكراد تركيا أتراك وأكراد إيران إيرانيون أولاً وأخيراً. وهناك إجماع إقليمي ودولي على إنكار حق الأكراد في قيام دولتهم المستقلة على أرضهم عندما أعيد رسم الخريطة بعد سقوط الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا.
الجديد في الأمر أن الاكراد أثبتوا موجوديتهم، ففي ظل الحكم الذاتي في إقليم كردستان أصبح الإقليم أكثر تقدماً، وأفضل اقتصاداً، وأكثر ديمقراطية من البلد الأم. وعندما جاء التحدي والعدوان لم يصمد أمام داعش سوى الأكراد لأن لديهم قضية تستحق التضحية.
أميركا تعيد النظر في موقفها من اعتماد حكومة بغداد التابعة لإيران كنقطة ارتكاز في سياستها، فهي القناة التي من خلالها تقدم أميركا كل المساهمات العسكرية من أسلحة وخبراء، وجميع أشكال الدعم، إلا أن الحكومة العراقية خيبت الآمال، فلم تستطع أن تخلق جيشاً وطنياً مقاتلاً، ففي الفلوجة والموصل والرمادي كان جيش حكومة بغداد يولي الأدبار أمام قوة صغيرة من مقاتلي داعش، تاركاً وراءه أكوام الأسلحة والدبابات والذخائر الأميركية التي كانت في حوزته. تتساءل الواشنطن بوست لماذا يحارب هؤلاء إذا كان قادتهم فاسدون وطائفيون، تنقصهم الكفاءة والإرادة.
الأكراد فقط استطاعوا أن يصمدوا، وأن يحموا إقليمهم من هجوم داعش، وأن يحرروا مدناً رئيسية وقرى عديدة وأراضٍ واسعة، فاستحقوا الدعم والاعتراف.
الاستقلال الوطني لا يأتي كمنحة بل نتيجة تضحيات وصمـود وإرادة، وقد استحق الأكراد هذا الحق ودفعوا الثمن ووجب علينا أن نعترف بحقهم وندعم طموحاتهم في إقامة دول مستقلة صديقة للعرب على أرض هي أرضهم وليسوا دخلاء عليها.
الراي