سنجد أنفسنا أمام طلب يمني بنقل جرحى الحرب الاهلية الى عمان لمعالجتهم في مستشفياتها, والمرضى اليمنيون والسودانيون والعراقيون والفلسطينيون ليسوا غرباء عنها. لكننا بهذه المناسبة نقف امام حالة:
ان المحاربين في مناطق الصدام: في سوريا والعراق واليمن وليبيا.. يتقاتلون بطريقة وحشية لا تترك فسحة للسلوك الانساني الطبيعي فتدمير المستشفيات, وقتل من فيها ادى الى رحيل آلاف الاطباء الى خارج بلدهم طلباً للنجاة. وأدى الى ترك مئات آلاف الجرحى دون امل في معالجتهم. فالقتلى يجدون مكاناً في باطن الارض, أو في قاع البحر المتوسط. ولكن ما العمل بكل هذه الاعداد الهائلة من الاطفال والنساء والشيوخ الذين سال دمهم, أو هم مرضى عاديون.
تركت اسرائيل الباب مفتوحاً أمام الجرحى السوريين للوصول الى مستشفياتها, في لعبة دعائية مكشوفة تقول لأهل الجولان والحرمون والقلمون: ان اسرائيل التي تعادونها هي اكثر انسانية منكم.. انفسكم: من حكومتكم ومن ثواركم سواء بسواء.
وعلى طريقة الغضب الاعمى أوقف شباب من اهل الجولان المحتل سيارات الاسعاف (نجمة داوود) وانتزعوا عدداً من الجرحى - سوريون - وقتلوا اثنين منهم لانهم - كما يقولون - خونة يتعالجون في اسرائيل, أو خونة لأنهم مسلمون يقاتلون النظام التقدمي.
ونعود الى جرحى الحرب في اليمن والمستشفيات الاردنية, فنطلب من الرئيس النسور - وهو العاقل الذكي الشجاع - وضع اتفاقية واضحة وصريحة بين الحكومة اليمنية تنصف المستشفيات الاردنية التي عانت الامرين من المرضى الضيوف, ومن الديون التي تراكمت على حكوماتهم.. وكادت تطيح بالمؤسسات الطبية وكل انجازاتها خلال العقود الماضية.
هناك ديون على ليبيا لا أحد يعترف بها لأن لا حكومة في ليبيا. وديون على السلطة الفلسطينية. وديون على صندوق التأمين الصحي الاردني, لأن لوزراء الصحة مزاجاتهم.. وهي مزاجات لا علاقة لها بالاداء الحكومي.
ان دعوتنا الرئيس النسور للتدخل في قضايا معالجة ضحايا الحروب الاهلية العربية, لأننا نعرف ان حزم الرجل هو الحد الفاصل بين تجاذبات الفساد.. بين المسؤول العربي الذي يصادق على تسديد الفواتير والمستشفى الذي يضخم الفواتير ليحصل بعد المساومة على حقه. ولعل ما نشكو منه من ارتفاع كلف الطبابة على الاردني المشمول وغير المشمول بالرعاية الصحية, ناتج عن «سياحة الاستشفاء».
معالجة المريض او الجريح العربي يجب أن تتم في اطار احترام المهنة, واحترام حق الانسان في الوصول الى الشفاء. وغير ذلك فمتاجرة بشقاء العرب في زمن اضاع فيه العرب عقولهم وقيمهم.
الراي