الدين لله وليس لمعتنقيه ..
نوف منير الور
23-07-2015 04:00 PM
لم تكن فكرة كتابة مقال او ترتيب سطور للحديث او للدفاع عن الاديان واردة في قاموسي المهني او الاخلاقي او حتى على الصعيد الشخصي، فأنا اؤمن تماما ان الدين لله والوطن للجميع، فلا يمكن تجريم اي دين سماوي مهما اساء معتنقوه وتصرفوا خارجين عن تعاليم دينهم المقدسة، فكل الاديان نادت بعبادة الله الواحد، وجلها تتمحور حول الاخلاق الطيبة، فلا العرب يجرم الغرب لدينه، ولا الغرب يحكم على العالم العربي لدين ما، فكلاهما عالمان في مكونات شعوبهم ديانات الله الثلاث وجميعها دول سياساتها تحرك سلوكها وليس الدين ولا يوجد غرب مسيحي ولا عرب اسلامي فإن انكر كثيرون مسلمي الغرب فلن يستطيع احد ان ينكر أن المسيح ولد في بيت لحم العربية.
ولا تستطيع فصل العرب المسيحيين عن الاوروبيين السريان والارمن وغيرهم ممن سكنوا البلاد العربية وبات تصنيفهم عربا لا يراوح شكوك بعض المؤرخين الا انهم مسيحيون سكنوا البلاد العربية وهم ايضا من امتدت يد الدولة العثمانية لقتلهم منذ مئة عام في مذابح مريرة اكثر من شناعة ما يفعلوه اتباع داعش والمنظمات الارهابية في زمننا الحاضر الا انهم لم يجرموا الاسلام والمسلمين.
استخدمت كلمة "تجريم" لانه المصطلح الذي ورد في كتابة مقال لكاتبة تناوله وتداوله كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ساعات من عيد الفطر المبارك، فان اردتي تجريم المسيحية بسبب سياسات دول غربية فهل تخضع اكتشافات الغرب وتكنولوجيا العصر لذلك؟
مسيحيون عرب كثيرون هجّروا من اوطانهم ولم يجرموا الاسلام مع انهم طردوا باسم الاسلام، كثيرون لم يدفعوا الجزية فماتوا واخرون دفعوا الجزية وماتوا.... واخرون اغتصبت فتياتهم وسبيت نساؤهم واخرون ماتوا مهاجرين، واطفال قتلوا امام اعين والديهم ولم يجرموا الاسلام بل جرموا من يستخدم الدين للقتل فلا قتل بإسم الله، فلم يدع الله يوما لقتل بريء ولم يطلب الله من اي رسول من رسله او نبي ارسله للعالم ان يقتل طفلا او ان يغتصب فتاة، ارسل الله الانبياء بالاخلاق الكريمة وخلقنا اساسا لنعبده ولم يخلقنا لنعيث في الارض فسادا.
وبعيدا عن كتابات الكاتبة فهناك آخرون منهم رجال دين على خلاف ان كانوا مسيحيين او مسلمين يكتبون ويبثون افكارا لم تكن في مجتمعنا مجبرين الكثيرين بالتمسك بمصطلح التعايش لا لأجل المصطلح بل لدرء فتنة من الممكن ان تكون شرارة تحرق الوطن بأكمله.
تاريخ الاضطهادات من اتباع الاديان لبعضهم ليس هدفه الدين بالدرجة الاولى ففي العصر العباسي الثاني اضطهد العرب المسيحيون ، اضطهد المناذرة الغساسنة مؤسسو الممالك والذين اعتنق كثير منهم الدين الجديد عليهم حينها ..الا ان حقبة الخلافة العباسية الثانية اضطهدت المسيحيين وبدأت هجرة المسيحيين العرب ومع ذلك لم يجرم اي المسيحيين الاسلام وتكررت الاضطهادات في عهد المماليك وبعدها توالت الاحداث.
من يستطيع ان ينكر دور العرب المسيحيين في النهضة العربية، ومن يستطيع ان يثبت ان القنابل التي ابادت الشعوب في الحروب العالمية لم تقتل مسيحيا، كفانا استغلالا للمصطلحات وتلاعباً بالالفاظ ففي كل البشر نوايا للخير ونوازع للشر فمن يستثمر الخير حصد ما استثمر ومن نازع من اجل الشر حاز على ما اراد فكلاهما بذرتان خاضعتان للنمو ومن ينمو منهما اولا يقتل الاخر تماما كأول اخوين نما الخير في احدهما ونما الشر في الآخر، والشر كان اسرع في التصرف فقتل ومن يزرع الفتنة يزرع ما هو اشد من القتل.
ملاحظة اعلم ان كثيرين ستزعجهم كلماتي لانهم بدلا من حرق انفسهم من اجل الوطن لديهم الاستعداد التام لحرق الوطن من اجل مصالحهم.