استشهاد الملك المؤسس : يوم مؤلم وتاريخ مؤلم
د.بكر خازر المجالي
23-07-2015 02:02 AM
لا زالت وثائق استشهاد الملك المؤسس محفوظة في دار الوثائق البريطانية ، وقد حاولت شخصيا الاطلاع على ملفها ولكن فوجئت بتميديد مدة الاطلاع عليه لخمسة وعشرين سنة اخرى تنتهي في عام 2026م ، وقد حاولت عن طريق اصدقاء في كلية سانت انتوني كوليج التابعة لجامعة اكسفورد،ولكن فشلت ايضا .. ولم استطع الحصول على اسباب ذلك سوى ما اتكهن به شخصيا لتعدد الجهات التي حاكت مؤامرة الاغتيال وهي جهات عربية واجنبية معا.
ومن هنا لا يمكن المرور على تحذير السفير الامريكي في القاهرة بأن هناك مؤامرة واتصاله قبل يوم من واقعة الاغتيال مع رئيس الوزراء الاردني سمير الرفاعي ليخبره بمخطط الاغتيال ،لا يمكن ان نمر على ذلك اعتباطا دون تحليل ومعرفة الابعاد وما وراء الابعاد .
من ابسط التفسيرات لمخطط الاغتيال ان هناك جهة مباشرة تمضي في عملية التنفيذ وهناك جهات مستفيدة تراقب العملية وتسهم في التمهيد لها حتى اذا ما تكللت العملية بالنجاح فان اصابع الاتهام ستذهب للجهات المباشرة اما الجهات المستفيدة من وراء الكواليس فستحقق مكاسبها بصورة اخرى.
لا اعرف كيف نفسر عناوين الصحف البريطانية التي اخذت تتحدث عن مصير الاردن بعد اغتيال الملك المؤسس بغياب ولي العهد ( طلال ) الذي كان يخضع للعلاج في الخارج؟.
ثم لماذا تبعت عملية الاغتيال ولثلاثة ايام تقريبا اعمال شغب وسلب ونهب في القدس وخروج بعض المظاهرات التي رفعت شعارات مختلفة بعضها كان يندد بوحدة الضفتين التي مضى عليها حوالي السنة. ؟.
نترحم على الملك المؤسس الذي حقق وحدة الضفتين انقاذا لجزء من ارض فلسطين لتكون وديعة لدى الاردن بما لا يمس حقوق الشعب الفلسطيني ، ونتذكر معه قيادته للجيوش العربية في حرب فلسطين عام 48 تلك القيادة التي انحصرت عمليا بالجيش العربي الاردني الذي حقق الانتصارات وتمكن من الحفاظ على القدس الشرقية وافتدى المسجد والكنيسة.
في هذه الذكرى وبعد 64 سنة ندرك ان العامل المشترك لاغتيال الشهيد الملك المؤسس ومن بعده هزاع المجالي ومن ثم وصفي التل ان العامل المشترك هو القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في الدولة المستقلة ،
فكلما اقترب اتحدهم من تحقيق حلم الدولة الفلسطينية كان المصير الاغتيال .. وكلما نجح الاردن في اي خطوة وحدوية كان المصير القتل ايضا ، وحدة الضفتين واحدة من الاسباب المباشرة للاغتيال وقد سبقها 7 محاولات اغتيال ابرزها محاولة رفعت عودة الشهيرة ، ونضيف للاسباب محاولة تحقيق مشروع سوريا الكبرى او سوريا الطبيعية ، وحين تحققت وحدة العراق والاردن عام 1958 كان مصير الاسرة الهاشمية ايضا القتل بجريمة نكراء.
وحين تبنى هزاع مشروع انشاء الدولة الفلسطينية وايد ذلك في مؤتمر شتورا كان اغتياله بعد خمسة ايام فقط ، وحين اعلن وصفي التل مشروع مقاومة العدو الصهيوني ووضع الخطط لذلك كان الاغتيال ايضا حين كان يشارك في مؤتمر وزراء الدفاع العرب في القاهرة ،والمفارقة ان مخطط الاغتيال كان معدا لسمو الامير الحسن المعظم في الباكستان ، ولكن حين علمت عصابة الاجرام بمغادرة وصفي التل الى القاهرة بدلوا الخطة فورا.
وحين كان المغفور له الملك الحسين يطرح افكار انشاء الدولة الفلسطينية وتنفيذ مشاريع التنمية في مدن الضفة الغربية واعلان طروحات الاتحاد والمملكة المتحدة وغيرها كان جلالته يرحمه الله يواجه بالصد وقطع العلاقات واغلاق الحدود وتأجيج الجبهة الداخلية عدا عن 18 محاولة اغتيال مختلفة ..
ذكرى استشهاد الملك المؤسس وبعد 64 سنة تتطلب المزيد من الدراسة والبحث ، كذك تناول مفاصل تاريخنا الاردني بمؤسسية وعلمية دون ارتجال وجهوية وانتهازية ..
نترحم على روح الملك المؤسس الشهيد .
وايضا اسمحوا لي ان اترحم ايضا على تاريخنا المجزوء والمبتور.