ماراثون السباق نحو جامعة اليرموك!
أ.د. عصام سليمان الموسى
22-07-2015 02:14 PM
عمون- كيرموكي عتيق خدم في جامة اليرموك والأكاديميا، داخل الأردن وخارجه، منذ تأسيس اليرموك عام 1976، تابعت ماراثون السباق نحو رئاسة جامعة اليرموك، باهتمام، لكن دون ان أحبس أنفاسي، فالمباراة كانت غير حماسية، الا من بعض اللقطات «الإثارية» في المواقع الالكترونية والصحف، لكن مجلس التعليم العالي انهى المارثون بقرار «حكيم «.. لماذ؟ ببساطة لأنه عين يرموكيا.
في معظم التعيينات السابقة لمنصب الرئيس، كنا كعاملين في جامعة اليرموك، وخاصة المؤسسين الذين عايشنا بنايات الجامعة تبزغ متعاقبة في المستنبت، الذي دخلناه في اربد عام 1976 ولم يكن فيه الا عمارة واحدة لا تزال قائمة حتى يومنا بقرب المدخل الشمالي... اقول: كنا نرقب المشهد وننتظر تعيين الرئيس في الأغلب «بعدم اكتراث».. وكنا نتابع بملل مسلسل التوقعات، حتى يهبط الرئيس الجديد في الغالب من جامعة أخرى «بالبراشوت»، حاملا قوسه، مستعدا لإطلاق سهامه.
كنا نعيش عصر «الوصاية» على النحو التالي: بعد تقديم التهاني من العاملين بالزحف نحو مبنى الرئاسة وتناول الحلوان مع فنجان قهوة سادة ، نستمع في الأثناء لإعلان الرئيس لمهنئيه بأنه سيكون معهم بالميدان قريبا، يشاركهم انجازاتهم ويتحسس مشاكل الجامعة ويحلها و...
وبعد الاحتفال يعود الرئيس لمكتبه ويصدر فرمانات التعيينات التي تتضمن اسماء نواب الرئيس والعمداء. ويراعي باختياره في الأغلب محاسيب يعتمد على ولائهم في اتخاذ القرارات بحيث لن يقولوا «لا» منافية «للقرارات الحاسمة» التي يريدها. ويختفي الرئيس الجديد في معظم الأحيان، اما في سفرات او اجتماعات او امتلاء البرنامج او الاعداد لمنح دكتوراه فخرية لشخصية ما ، ويصبح بعيد الوصال–مرة استغرقني طلب لقاء رئيس من هؤلاء مدة شهر- ولا يزور الكليات زيارات ممنهجة للاستماع لأعضاء هيئة التدريس – طبعا يستثنى قلة من هؤلاء.
عدد من المؤسسين زهد بالتطلع لمناصب عليا من هذا القبيل لا تنسجم وقناعاتهم الأكاديمية الصافية او لأنها بعيدة عن أمانيهم، فانصرفوا لمآرب أخرى، وقلة ركزت على البحث ، وتجويد اساليبهم في التعليم، فطوروا قدراتهم لخدمة طلبتهم، وصححوا كل كلمة في بحوث اولئك الطلبة، وسعوا لتوجيههم الوجهة التي ترضي الضمير العلمي ومصلحة الوطن.
واكتفت هذه الصفوة منهم بأمور منها: اعداد أبحاث «ذات قيمة» تنشر في مجلات علمية محترمةعالمية تضع اسم بلدهم على خارطة البحث العلمي –التي لا محل لها في وطننا ؛ والتركيز على «تعليم» – وليس تلقين- طلبتهم «التفكير العقلاني» غير المرحب به أيضا. وهذه امور لا تلفت النظر لهم عادة.
واضطر البعض لخوض معارك «دونكيشوتية» لتحسين اداء أذكر اني حين عدت لليرموك عام 2011 (بعد انقطاع بسبب عملي في جامعة خاصة) ولمبنى كلية الإعلام الجديد الضخم، وجدتني اعلم في قاعات تصدر «صدى» يحول دون التفاهم وايصال المعنى.
طالبت بهدوء، ثم استدعيت، واستغرقتني هذه المعركة مدة عامين تقريبا لم استطع خلالها ان احل المشكلة الا جزئيا اضطررت في مرحلة منها لجمع التواقيع من الزملاء والتهديد برفع العرائض.
أخيرا، ها هو مراثون المترشحين لليرموك يأتي لنهايته. ولحسن حظ الجامعة–برأيي المتواضع–تم تعيين رئيس بدأ حياته الأكاديمية في اليرموك وترقى فيها، وهذه اعتبرها حكمة من مجلس التعليم العالي، ففيها اعتراف جسور بأن أهل مكة «قد» يكونون ادرى بشعابها.
"الراي"