الاتفاقية التي عقدت في فينا بين ست دول عظمى وإيران ما زالت مجرد مشروع اتفاقية إلى أن يتم إقرارها في برلمانات إيران والدول الست ، وتستوفي الإجراءات الدستورية، وتسجل في الأمم المتحدة. فالتطبيق العملي مؤجل مما يوفر فسحة كافية من الوقت لتوضيب الأوضاع استعداداً لما هو قادم مما يصعب التنبؤ به.
لكن القادم ما زال مجرد توقعات ومحاولات لاستشراف المستقبل، والشيء المؤكد أن هناك عدداً كبيراً من المفاهيم الجديدة كلياً، خاصة وأن الثقة تكاد تكون معدومة بين الأطراف: أميركا وحلفاؤها لا يثقون بإيران ، وإيران بدورها لا تثق بهم، فمن يسجل نقاطاً لصالحه؟
هل ستتخلى إيران عن مشاريع التمدد وتصدير الثورة ودعم الجهات التابعة لها في لبنان وسوريا والبحرين واليمن ، أم أنها سوف تستخدم الموارد المالية الهائلة التي ستحصل عليها لزيادة دعم هؤلاء واجتذاب غيرهم (حماس مثلاً).
المملكة العربية السعودية التي كانت نموذجاً للمحافظة والهدوء وتجنب المواقف الحادة تجاه القضايا المختلفة، أصبحت في الواقع دولة ممانعة، تضع كل سياسة أو تحرك أميركي تحت المجهر لسبر أغواره وتحديد ما وراءه.
في وقت من الأوقات كانت الممانعة، أي الوقوف في وجه المخططات الأميركية، مهمة تتبناها سوريا وحلفاؤها، على الأقل من الناحية الإعلامية، هذه المهمة سوف تنتقل إلى محور عربي تتولى السعودية قيادته ويكتسب زخمه بعد أن تتجاوز مصر أزمتها الداخلية وتستكمل استرداد دورها العربي.
المبدأ الجديد في الشرق الأوسط هو عدم انتظار الاحداث وإدارة الأزمات، بل محاولة سبقها ، فلا تنتظر العدو ليقترب من حدودك ، بل بادر للتصدي له في أرضه.
قد تكون هناك مبالغة شديدة في توقع الاحداث الجسام على اعتبار ان الاتفاق الإيراني الأميركي يشكل تسونامي يقلب الموازين ويعيد رسم الخرائط السياسية والجغرافية.
الاتفاقية لا تعني تحالفاً بالمعنى المقصود ، ولا تعني تنسيق المواقف والتوجهات ، فهي تقتصر على هدف واحد معلن هو منع إيران من امتلاك القنبلة الذرية في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها ، وهذا لا يعني التفاهم
حول ما يجري في العراق أو سوريا أو اليمن او غيرها.
سلوك وسياسات وأهداف أميركا في المنطقة ستظل كما هي، وكذلك سلوك وسياسات وأهداف إيران.
الرأي