قد تكون مجرّد تبادل أدوار، وقد تكون جزءاً من صراعات داخلية. لكن اصرار خامنئي على الاستمرار في دعم الحروب الداخلية في العراق وسوريا (ولبنان) واليمن رغم توقيع اتفاقية الكابح النووي الإيراني مع القوى الكبرى الخمس وألمانيا، ويقابله كلام رئيس الجمهورية روحاني عن اتاحة الفرصة أمام علاقات ايجابية مع دول الجوار بعد توقيع الاتفاقية. فهذا لا يغيّر الكثير طالما أن الستين يوماً التي أعطيت للتصديق على الاتفاقية، ستكشف جزءاً من حقائق الموقفين المتناقضين (أو غير المتناقضين) لمرشد الثورة ورئيس جمهوريتها!!
إن اصرار المرشد الخمينئي على الاستمرار في دعم «الأصدقاء» والحلفاء، ..شعوب وحكومات العراق وسوريا ولبنان واليمن ..وطبعاً البحرين، هو، في علم السياسة، نمط من الخروج على امكانات القوة في الهيمنة على منطقة مكدودة بالحرب الأهلية.
- فمن غير المعقول أن يهيمن أصدقاء إيران في العراق (الشيعة) على بقية عناصر الدولة مع بقاء العراق دولة موحدة فالمشروع الإيراني يستهدف عملياً تدمير كيان الدولة العراقية.. والاكتفاء بالهيمنة على جزء منه.. دون الاهتمام بمصير بقيته: العرب السُنّة، والأكراد وبقية الكيانات!!.
- وفي سوريا تستطيع طهران الإبقاء على دعمها لنظام يحارب السوريين.. ويتحالف مع طائفة من المشكوك فيه أن تكون علويتها مؤشر لتشيّعها. ففي كل جبال العلويين لا توجد حسينية واحدة. وهناك جامع واحد في القرداحة بناه حافظ الأسد ليضم قبر أمه ثم قبره والجامع لا يحمل ما يشير إلى ..الطائفة!!.
- وفي لبنان يستطيع حزب الله بسلاحه وتنظيماته أن يخرّب هياكل الدولة اللبنانية، فيمنع انتخاب رئيس جمهوريتها. ويعطّل اجتماع مجلسها النيابي، ويبقى الجيش دون قيادة على اعتبار انتهاء خدمة قائده. وتفشل الحكومة التي يشارك فيها حزب الله في سنّ القوانين، وتواقيع الاتفاقات الانمائية.. وآخرها خسارة لبنان لقرض قدره نصف مليار دولار لاقامة سد على الليطاني لمعالجة شحّ مياه الشرب في البلد الأخضر!!.
حزب الله يستطيع تدمير كيان الدولة.. لكنه لا يستطيع أن يحكم، وإذا كانت طهران تعتقد انها «تقاوم وتمانع» الولايات المتحدة او اسرائيل، فذلك لا يمكن وصفه إلا بالغباء المطلق: فلماذا يكون تدمير لبنان خطرا على اميركا واسرائيل؟ ولماذا يجب ان تدفع اميركا لطهران لبقاء لبنان كياناً مستقراً مزدهراً؟
وفي اليمن يهيمن علي عبدالله صالح (الجيش) وتحالفه مع الحوثيين على الفوضى القائمة في البلد، لكن «الثوار» غير قادرين على تشكيل حكومة، وغير قادرين على الحكم، إذن ما الذي تريده طهران من حلفائها غير تدمير حياة خمسة وعشرين مليون يمني؟ وما هدف هذا التحالف بين الحوثيين وصالح وبين طهران؟
نفهم أن تبتز ايران الدول العربية او اميركا او اوروبا، بهذه الفوضى التي تخلقها، وإذا كانت طهران تريد ان تفرض «قوتها» على المجتمع الدولي بالاتفاقية النووية فقد حققت ذلك، او انها تعتقد انها حققته، إذن لماذا الاستمرار في عبثية اسناد حروب اهلية يقتل فيها العربُ العربُ؟ ويدمر فيها العرب مدن العرب التاريخية؟ ويفرض فيها العرب على العرب دين آخر غير دينهم، وقناعات وطنية وقومية غير قناعاتهم؟
لا يمكن ان تكبر ايران ويكبر حجمها ووزنها، بانفاق ريع نفطها على مرتزقة المقاتلين العرب، وتجويع شعبها، فللقوة حدودها، ولكل حرب نهاية!! فاين وصلت ايران حتى الان؟!
الرأي