فيما عدا إسرائيل، لم تعلن دولة ما رفضها للاتفاق النووي الذي عقد في فيينا بين إيران ومجموعة الدول الست بقيادة الولايات المتحدة.
معظم دول العالم لم تعلن عن موقف محدد من الاتفاق بانتظار إنجلاء الموقف وتطبيق الاتفاق على الأرض ، ليس في المجـال الفني ، فهذا متروك لخبراء الذرة ولكن في المجال السياسي.
السؤال هو ما إذا كان الاتفاق يعني أن أميركا ستطلق يد إيران للتحرك بحرية في المنطقة بصفتها قوة إقليمية كبرى لم تعد جزءاً من محور الشر ودعم الإرهاب، وهذا ما نفاه الرئيس الأميركي نفياً قاطعاً.
الدول العربية الخليجية أعلنت ترحيبها بالاتفاق ، ولكن هذا الإعلان يقع في باب الدبلوماسية والإعلام ، فنحن نعلم أن السعودية قلقة جداً من تداعيات هذا الاتفاق وهو قلق معترف به لدرجة اضطرت الرئيس الأميركي للاتصال بالملك سلمان وطمأنته.
الأردن ليس مطالباً بالإعلان عن موقف جاد بالقبول أو الرفض تجاه الاتفاق ، فالرفض يعني إثارة غضب أميركا وحلفائها وإيران وأصدقائها ، والقبول المتحمس يعني إثارة غضب أو عتب دول الخليج العربي وهي المتضرر الاول من هذا الاتفاق ، جنباً إلى جنب مع تركيا وإسرائيل ، كل لأسبابه.
الاتفاق النووي يمكن أن يعني أشياء متناقضة ، فهو من ناحية يعتبر نصراً لإيران لأنها تكسب عن طريقه شرعية دولية ، وتخرج من عزلتها ، وتسترد ملياراتها المجمدة ، وتعود إلى السوق العالمي من أوسع الأبواب في مجال تصدير البترول واستيراد السلاح ، ويكفيها أنها جلست على طاولة المفاوضات نداً لأميركا وباقي الدول العظمى!.
ولكن الاتفاق يمكن من ناحية أخرى أن يمثل نكسة لإيران فهو ُيخضع منشآتها المدنية والعسكرية لأقسى نظام تفتيش مذل على طريقة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. والأهم من ذلك أن الاتفاق يعني نظرياً وعملياً أن إيران لن تمتلك القنبلة الذرية ، وأن شعارات الموت لأميركا ، والشيطان الاكبر ، والاستكبار العالمي ، كلها فقاعات للضحك على الذقون!.
من الطبيعي أن يتظاهر كل من طرفي المفاوضات أنه حقق أهدافه وسجل انتصاراً ، والحقيقة أن الاتفاق عبارة عن تسوية لم يحصل فيها اي من الجانبين على كل ما يريد.
الرأي