نحن بحمد الله في عيد بعد شهر من الصيام والقيام، ونحن منذ اليوم بين عيدين، الفطر والاضحى بعد سبعين يوما، والعيد ببساطة، طهارة للقلوب من كل ما يدنسها من غل وجفوة وصدود وتنافر بين الناس، وديننا العظيم يرفض وبوضوح، ان يشيح احدنا بوجهه عن اخيه في الله لاكثر من ايام ثلاثه، والا فلا فائدة ترجى من عباداته.
نحن اذن امام حقيقة ربانية عظيمة لا اجتهاد فيها، فاما ان تطهر قلبك من كل دنس لتكون انسانا بكل ما في اللفظ من معنى، او انت في خطر لا تدري اوانه، بعد اذ عجزت عن ان تكون انسانا كما ارادك الله جل في علاه، ولا خيار بين الخيارين، ولو تذكر كل منا ان لحظة الرحيل عن هذه الدنيا الفانية لا مناص منها، لاتعظ وسعى لان يكون ايجابيا محترما لا يخاصم ولا يحقد او يحسد او يتكبر او يفتن او ينافق او يقدم على عمل فيه غضب الرب سبحانه.
العيد عودة الى جادة الصواب والحق وتوبة عن كل معصيه، ورحمته تعالى واسعة ترحب بتوبة التائبين مهما كانت ذنوبهم، ودرة التوبة اتيان الله بقلب سليم خال من كل شائبة او اضمار للشر.
ايام ثلاثة يفترض ان تكون ايام صفاء لا جفاء، ومودة بين الناس مقدمة لمودة مستمرة ما دامت الحياة، من ادركها وجعلها نقطة تحول في حياته نحو الافضل، فقد فاز بمرضاته سبحانه، ومن خانه حظه واستمر في ضلاله وغيه وكبريائه الزائفة ناسيا ان الله اكبر، فقد خسر الدنيا والاخرة، ولينتظر عقابه لا اله الا هو في كل لحظة مهما زهت له الدنيا الغرور.
خيرا يفعل الناس في بلدنا ان هم جعلوا العيد فرصة عظمى للتصافي والتراحم والتصالح ونبذ الخلاف والعناد والتجافي، والكبار عند الله جل جلاله وفي الدنيا، هم وحدهم من يبادرون بالطيبات، والصغار وحدهم هم من يحجمون ويتكبرون ويكابرون ويستمرون في ضلالهم، ولهم ان يتيقنوا ان الله سبحانه غير راض عنهم، وما نفع حياتك ووجودك كله، ان كان الله غير راض عنك انت الذي ستلقاه حتما ووحيدا وبلا معين او نصير سواه جل جلاله. كل عام وبلدنا كله بمن فيه والعرب والمسلمون بخير، والله من وراء القصد.