تطورت خطيرة في طول المنطقة العربية وعرضها تنبئ بأن فكرة الامة العربية الواحدة في طريقها الى الانتهاء. فها هو مدير السي اي ايه السابق مايكل هايدن يعلن لصحيفة امريكية ان اثنتين من اهم الدول العربية في طريقهما الى الزوال نهائيا من الوجود.، فقد قال حرفيا: "دعونا نواجه الحقيقة، فالعراق لم يعد موجودا وسوريا ينطبق عليها نفس المعيار، ولبنان "دولة فاشلة" وكذلك ليبيا. ويضيف لقد تكونت نوات دويلات عديدة في بلاد "ما كان يعرف" بالعراق وسوريا كالدولة الاسلامية والقاعدة والاكراد والسنة والشيعة والعلويون والدروز.
ويضيف في - ملاحظة خبيثة - ان اتفاقية سايكس بيكو التي نشات عنها هذه الدول بمبادرة من اوروبا عام 1916 كانت لا تدرك الوقائع على الارض مما ادى الى الحالة المزرية التي تشهدها المنطقة الآن. لاحض هنا ان السيد هايدن ينتقد اتفاقية سايكس بيكو لانها اقامت دول تنطبق عليها مقومات الدولة ولم تنتبه الى اقامة دويلات على اسس النوازع البدائية كالطائفية مثلا.
ويعتقد السيد هايدن ان المنطقة ستستعر اكثر بالخلافات المذهبية والطائفية وستبقى في حالة عدم استقرار للثلاثين سنة القادمة.
تصريحات متطابقة صدرت عن وزير الخارجية التركي ومساعده وعن العديد من القادة الروس تشير الى ان الغرب يسعى فعليا الى تقسيم المنطقة على اسس مذهبية وطائفية وعرقية، وهذا هو بالضبط ما كانت اسرائيل -لا تطلب به فحسب- بل تسعى لتحقيقه وتوظف لهذا الغرض امكانيات مادية وتجسسية ضخمة . فاسرائيل التي تعيش باستمرار تحت كابوس الزوال ستشعر بإطمئنان اكبر عندما تحيط بها دويلات تقوم على اسس مذهبية وطائفية وعرقية وسيكون من السهل عليها ان تسيطر على هذه الدول وتوظفها لتقديم خدمات تضمن بقاء الدولة العبرية دون تهديد.
مؤشرات البقاء مخيفة جدا والصراع على السيطرة والنفوذ في المنطقة العربية سيتبلور بصورة عميقة خلال الاشهر القادمة بين القوى الاقليمية الكبرى اسرائيل وايران وتركيا. فالكيانات السياسية العربية تغرق في مشاكل معقدة ناتجه عن معادلة صعبة للغاية طرفاها شعوب غاضبة وانظمة حكم متحجرة لا تدرك وبالتالي لا تفعل شيئا لضمان الحد الادنى من متطلبات الامن القومي العربي.
كانت احداث الربيع العربي فرصة هائلة للاصلاح والتغيير ولكن وفرة المال وسطحية التفكير اجهضا حركة الاصلاح والتغيير ودفع بالامة الى ان تكون "رجل العصر المريض" والمتخن بالموارد وبالتالي يشكل مطمعا استراتيجيا هائلا لمن لدية الرغبة والقدرة على السيطرة.
لقد رافقت تلك الهجمة الضخمة ضخ اعلامي مخطط له باتقان كانت ادواته قنوات عربية بالكامل تخلت عن المنهج الاعلامي الملتزم بقضايا الامة وتحولت الى ادوات للدمار الشامل للدول العربية الرئيسية التي عندما تسقط ستتبعها الدول الصغيرة وغير المؤثرة.
وهكذ كان، وللحديث تتمة ...