ما أشبه اليوم بالبارحة .. اعتقال الصحافي غازي المرايات
محمد الداودية
12-07-2015 03:06 PM
حدث هذا عام 1978 عندما كنت صحافيا في صحيفة الأخبار اليومية التي أغلقت عام 1980.
المالك؛ فؤاد سعد النمري. المدير العام؛ الشاعر عبد الرحيم عمر. رئيس التحرير؛ راكان المجالي. سكرتير التحرير؛ عدنان الصباح؛ مدير الشؤون الدولية، نقولا حنا؛ مدير الشؤون المحلية، حافظ ملاك المكاتب؛ شارع وادي صقرة.
أبلغتنا مديرية الأمن العام أنها ستعقد مؤتمرا صحافيا صباحيا لبيان انجازاتها خلال النصف الثاني من السنة الماضية. كلفتني الصحيفة بتغطية وقائع ذلك المؤتمر الصحافي فركبت سيارة الصحيفة مع المصور لنكتشف أن وقود السيارة قد نفذ! وصلت المؤتمر الصحافي مع نهايته والصحافيون احمد سلامة -الرأي- واحمد شاكر-الدستور- ومحمد موسى-وكالة الأنباء الكويتية ومحمد أبو غوش – وكالة الأنباء القطرية – وغيرهم، على وشك المغادرة. ناولني الضابط الشاب ملفا مكونا من عشرات الصفحات المطبوعة قائلا لي: انه يحتوي على تفاصيل الانجازات التي كشف مدير الأمن العام عنها.
عدت إلى الصحيفة وهيأت الموضوع للنشر في اليوم التالي، بان وضعت مقدمة للمؤتمر الصحافي كانت كالتالي:
الأخبار- محمد داودية. عقد مدير الأمن العام مؤتمرا صحافيا صباح أمس كشف فيه النقاب عن عشرات الجرائم والإنجازات التي تم ضبطها خلال النصف الثاني من العام الماضي وكانت على النحو التالي…الخ.
نشرت الصحيفة وقائع المؤتمر الصحافي في اليوم التالي على صفحة كاملة ومعها صورة لمدير الأمن العام وصورة أخرى للصحافيين الحاضرين زودتنا بها وكالة الأنباء الأردنية – و.أ.أ- ولم أكن بالطبع بينهم.
كنت جالسا على "ديسك" الصحافيين أسجل وقائع جلسة المجلس الوطني الاستشاري الذي كان يعقد صباحا في مبنى البرلمان القديم – متحف الحياة السياسية مع نصر المجالي واحمد الدباس واحمد الحسبان ومحمد موسى.
قال لي احمد الحسبان: ان ضابطا يقف أمام باب المجلس يريد أن يراك، تركت أوراقي وخرجت فانقضّ عليّ شرطيان ودفعاني إلى سيارة الشرطة وأنا ارفع صوتي صارخا ومستنكرا اعتقالي من تحت القبة !!.
وصلنا إلى مبنى مديرية الأمن العام، فإذا بعدد من الضباط من ذوي "القبات الحمر" ينتظرونني عند أعلى درج المديرية تقدموا نحوي بلطف بالغ يسألونني إن كان احدهم قد أساء إلي فلم اجب واخذوا يلاطفونني كثيرا وأجلسوني على مقعد وثير، قدموا لي القهوة السادة فرفضت أن اشربها وعرضوا عليّ شايا فرفضته وسجائر فرفضتها وأنا اسأل عن سبب اعتقالي ولِمَ تم بهذه الصورة المهينة؟
فتحوا لي محضرا وسألوني عن اسمي فرفضت أن أجيب، حينذاك ابلغوني أن "إحضاري" تم بسبب نشر وقائع المؤتمر الصحافي في الصحيفة الذي أوردت فيه الأسماء المفتوحة الكاملة لمرتكبي جنح سرقة كان عدد منهم من المجندين، ما اعتبر إساءة كبيرة لسمعة الوطن.
قلت لهم إن رئيس التحرير المسؤول هو المسؤول عن الذي ينشر في الصحيفة وليس الصحافي وقلت لهم: إنني نشرت محتويات أوراق مطبوعة عليها الأسماء المفتوحة التي سلمتموني إياها ولم اسط عليها. فقالوا إنهم نبهوا على الصحافيين في بداية انعقاد المؤتمر بنشر الأسماء بالحروف الأولى وليس بالاسم الكامل، فحاججتهم انني وصلت متأخرا وانه كان يجب أن لا يعطوننا الأسماء الكاملة ثم يزعمون أنهم طلبوا عدم نشرها كاملة!!
حولوني إلى محكمة الصلح وما أن وصلت وبدأ استجوابي حتى جاء اتصال هاتفي تم تحويلي على إثره إلى محكمة الجنايات الكبرى!!! اتصلت بالمحامي محمد الرشدان ووكلته بمهمة الدفاع عني فأخرجني بالكفالة بعد اتصالات عديدة تدخلت فيها نقابة الصحافيين وراكان المجالي رئيس التحرير وسليمان عرار وزير الداخلية. على باب المحكمة كان احمد الدباس ينتظرني فاصطحبني إلى نقابة الصحافيين وهناك علمت أن احمد الدباس ذهب إلى حيث يجلس أعضاء المجلس الوطني الاستشاري عبد الله الريماوي وأمين شقير ومحمود الشريف فابلغهم بنبأ اعتقالي، كانت الجلسة منعقدة فصرخ الريماوي وشقير والشريف مطالبين بوقف الجلسة وطالبوا الحكومة بالاعتذار عن انتهاك حرمة المجلس.
أوقفت الجلسة وبدا مضر بدران رئيس الحكومة مغتاظا وطلب من سليمان عرار وزير الداخلية المغتاظ هو الآخر من سلوك الأمن العام جوابا فوريا فطلب عرار معلومات من مدير الأمن العام وتم إبلاغ المجلس أن الأمر برمته خطأ ولا أذى لحق أو سيلحق بالصحافي داودية الأمر الذي فسّر لي سبب انتظار "القبات الحمر" لي على رأس درج المديرية وسؤالي عن أية إساءات تعرضت لها والمعاملة المفرطة اللطف التي حظيت بها.
أخذت القضية نحو سنة في المحكمة ذهبت خلالها مرة واحدة للمحكمة وتم استدعاء الشهود الذين حضروا المؤتمر الصحافي لمدير الأمن العام فعلمت أن احمد سلامة شهد لمصلحتي وانه أكد أن مدير الأمن العام لم يطلب من الصحافيين عدم نشر الأسماء المفتوحة. ولما راجعت المحامي الصديق محمد الرشدان الذي ترافع عني بلا مقابل، قال لي إن الحكم قد صدر بعدم مسؤوليتي.
* أكرر رأي ناصر أبو خرّوب: يجب علينا التخلص من تلك المادة التي أجيزت بإرادة الشعب عن طريق ممثليه والتي تجيز الحبس لتعكير صفو العلاقات !!
العرب اليوم.