السعودية واليمن في الأردن
اسامة الرنتيسي
12-07-2015 04:44 AM
لا يمكن قراءة الحضور السعودي واليمني في الاردن خلال الساعات الماضية على اعتبارها زيارات لبحث العلاقات الثنائية الاردنية السعودية، والاردنية اليمنية، الحضور يؤكد ان الرؤية السياسية الاردنية ومنذ لحظة الازمة في اليمن صائبة ودقيقة، وان الازمة اليمنية لا يمكن ان تخرج حلولها عن الجانب السياسي، وان الحل العسكري سوف يؤزم الصراعات في المنطقة اكثر واكثر.
قبل اشهر، قلنا ان الحل العسكري في اليمن سوف ينعكس ارهابا على دول الخليج، ومهما يكن حجم التحفظات والتخوفات من مآلات "عاصفة الحزم" التحالف العربي الاسلامي لقطع اليد الايرانية من الوصول الى باب المندب والسيطرة على اليمن، فإن الخطوة التي قامت بها السعودية قد تكون خطوة استباقية لاعادة طرح قضية الحل السياسي في اليمن من جديد، لانه ثبت بالملموس ان لا حل عسكريا قد يخلق نتائج على الارض بعيدا عن الحل السياسي العميق، وهذا ما نحتاجه في اليمن وسورية والعراق، وفي كل النقاط الساخنة في المنطقة العربية.
كل الاراء التي تبدي تخوفا من المخاطر الجانبية لحرب "عاصفة الحزم" على أمن الخليج والمنطقة، والتي توقعت ان تتعرض دول كالكويت او البحرين او مناطق ليست مغلقة امام اليد الايرانية الى احداث واعمال ارهابية، او تحول عاصفة الحزم الى حرب إقليمية تدميرية؛ اراء محترمة ومقدرة، وفيها عمق تحذيري لا بد من الانتباه له، الى ان وصل التفكير الايراني في المنطقة الى العبث في عمق الاردن.
الاراء التي لا تنتقد بشدة اختطاف الدولة اليمنية على يد حاكم لا يهمه ان يحترق اليمن، وحول بلده الى مزرعة خاصة كي يبقى صاحب القرار، وصمت أصحابها على تحالف علي عبدالله صالح مع الحوثي وجعله واجهة الصراع، فيها كثير من الريبة والاستهجان، لان التدخل العربي في اليمن يأتي لملء فراغ مفتوح لكل القوى الإرهابية التي كانت تجد فرصتها لتقسيم اليمن بحجة مواجهة ايران والشيعة، التدخل هو لاستعادة الدولة المركزية والعودة لحوار سياسي لا يستثني سوى القتلة والمتورطين في تفكيك الدولة وفي المقدمة صالح ومليشياته.
في الحرب في اليمن من الواضح ان فعالية القصف الجوي اثتبت انها ليست حاسمة فيما يجري على الارض، وبالرغم من اشتداد هذا القصف، الا ان جماعة الحوثي وصالح حققتا نتائج في عدن واحتلتا القصر الجمهوري.
لا احد يتمنى ان تتورط السعودية في حرب برية مع الحوثيين وصالح في اليمن، عبر نقل المعركة الى اراضيها، حيث بدأنا نرى قتلى سعوديين يسقطون على الحدود مع اليمن، واذا وقع هذا الامر فإن المنطقة برمتها قد تصبح على اعتاب تغيير تاريخي، وبتكلفة باهظة.
لنعترف أن ما يجري بدءا بعاصفة الحزم وقمة شرم الشيخ؛ سوابق مفصلية في تاريخ المنطقة؛ تحرك عسكري لحلفاء أمريكا من دون تنسيق معها؛ كما تعلن واشنطن عن ذلك، وهذا يفسر سر التغيير في الخطاب السعودي الذي كان عنيفا في الرد على الموقف الروسي، وكان اكثر عنفا في الرد على التهديد الايراني.
لا بد من تأييد التضامن العربي المعزز بقوة عسكرية مشتركة، كما اقرتها قمة شرم الشيخ الاخيرة، من أجل تمهيد الطريق لحوار مع ايران لتحويل المنطقة الى مشروع للسلام والتعاون بما يفيد شعوب المنطقة، لقد عملت واشنطن على تسعير خلاف مذهبي شيعي سني، لتأمين مصالحها، ولهذا يأتي التحالف العربي في اليمن ليعيد تصويب مفهوم ومضمون الامن القومي والعلاقات البناءة مع دول الجوار، ومن هنا نرى تموضعا جديدا للموقف الاردني في ملفات المنطقة الساخنة.
العرب اليوم